فتارةً يقولون : بأنّه لم يؤدّ الزكاة إلى أبي بكرو فرّق ما كان بيده من الزكاة على قومه ، لكنّهم يعلمون بأن مالكاً كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد ولاّه على صدقات قومه ، وأيّ حرجٍ عليه لو دفعها إلى الفقراء بمقتضى ولايته؟
قال ابن حجر : « وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم استعمله على صدقات قومه ، فلمّا بلغه وفاة النبي أمسك عن الصدقة وفرّقها في قومه وقال في ذلك :
فقلت : خذوا أموالكم غـير خائف |
|
ولا نـاظـر فيما يجيء من الغـد |
فإن قام بالدين المحقـق قـائــم |
|
أطعنا وقلنا الدين ديـن محمّد » (١) |
بل إنّ ذلك كان هو المفروض عليه ، إذ الزكاة لا تنقل من بلدٍ إلى آخر إلاً إذا لم يكن في ذلك البلد من هو مستحق لها ...
وهل عدم تسليم الزكاة إلى أبي بكر جرم يستوجب أن يرسل إليه من يقتله ويستبيح حريمه ويقع في قومه سبياً وتقتيلاً؟!
وهل نزلت في جواز ذلك آية أو سمعوا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه رواية؟
ليت أبابكر تذرّع في المسألة بحديث زعم أنّه سمعه من النبي ، ولم يسمعه غيره!! ـ كما كان في قضيتة مع الزهراء!
لكن عمر يقول ـ فيما روى عنه أكابر الحفاظ ـ : « لئن أكون سألت النبي عن ثلاث أحب إليّ من حمر النعم : عن الخليفة بعده ، وعن قومٍ قالوا : نقرّ بالزكاة من أموالنا ولا نؤدّيها إليك أيحل قتالهم؟ وعن الكلالة » (٢).
وعلى الجملة فإنّ مالكاً لم يرتد ... وما في الكتاب وغيره من أنّه « ردّ على
__________________
(١) الإصابة ٣/٣٥٧.
(٢) الدر المنثور ٢/٢٤٩ عن جماعة من أعلام الحديث.