قوله (٣٥٩) :
( الأول قوله تعالى : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) والآية عامة في الأمور كلّها ... والجواب منع العموم ... ).
أقول :
الآية هي : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) (١). إذ اعتبر فيها الأولوية لمن جمع ثلاثة قيودٍ هي : كونه ذا رحم ، وكونه مؤمناً ، وكونه مهاجراً. فمن جمعها كان أولى من غيره ، وهذه الأولوية عامة للمال وللولاية ، بل كونها للولاية أوضح ، لكون سياقها سياق الآية الآخرى الواردة في خصوص الولاية وهي قوله تعالى : ( النبّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضِ في كتاب الله ) (٢). فهي ثابتة لأمير المؤمنين عليهالسلام لكونه الجامع لها دون أبي بكر ، لأنه لو سلّم كونه من المؤمنين والمهاجرين فليس بذي رحمٍ لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومن هنا يشترط في الإمامة والولاية الاقربية من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولذا احتجّ المهاجرون على الأنصار بالقرابة منه ، فلمّا بلغ عليّاً عليهالسلام ذلك قال :
« وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم |
|
فغيـرك أولـى بـالنبي وأقرب » (٢) |
ولقد أذعن المنصور العبّاسي والفخر الرازي باستدلال محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين عليهالسلام ـ في كتاب له إلى المنصور ـ بالآية المباركة على أولوية ذي الرحم قائلاً : « وليس في الآية شيء معيّن في ثبوت هذه الأولوية فوجب حمله على الكل إلاّ ما خصّه الدليل وحينئذٍ يندرج فيه الإمامة » لكنه أجاب
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٦.
(٢) سورة الأنفال : ٧٥.
(٣) نهج البلاغة : ٥٠٣ ط صبحي الصالح.