غير مشتملة على لفظة خمر فلا محالة يكون ذلك كاشفاً عن أن الكتاب المذكور غير مشتمل عليها وإن اشتمل عليها بعض نسخه ، فلا يرد عليهما ما أورده صاحب الحدائق قدسسره من اشتباههما في نقل الحديث ، وقد ذكرنا في محلّه أن التعارض من جهة اختلاف النسخ خارج عن موضوع تعارض الروايتين لأنه من اشتباه الحجة بلا حجة كما أشرنا إليه في بحث التعادل والترجيح (١) حيث إنّا إنما نعتمد على رواية الكافي أو الوسائل أو غيرهما للقطع بأن الأول للكليني والثاني للحر العاملي وهما ثقتان ورواياتهما حجة معتبرة ، فاذا اشتبهت النسخ واختلفت فنشك في أن ما رواه المخبر الثقة هل هو هذه النسخة أو تلك فهو من اشتباه الحجّة بلا حجّة الموجب لسقوط الرواية عن الاعتبار ، فالأخذ برواية الكليني أوضح ، إذ لم تثبت رواية الشيخ لا مع الزيادة ولا بدونها لسقوطها عن الاعتبار من جهة اشتباه الحجة بلا حجة ، ومعه تبقى رواية الكليني من غير معارض وقد مرّ أنها غير مشتملة على لفظة خمر فلا دلالة لها على نجاسة العصير قبل ذهاب ثلثيه وإنما تستفاد منها حرمته فحسب هذا.
والصحيح اشتباه الوافي والوسائل في نقلهما ، فان الظاهر أن التهذيب مشتمل على الزيادة لكثرة نقلها عن الشيخ في تهذيبه وهي تكشف عن أن أكثر نسخ الكتاب مشتمل على الزيادة ، فلو كانت عندهما نسخة غير مشتملة عليها فهي نسخة غير دارجة ولا معروفة ، فلا بد من أن ينبّها على أن النقيصة من جهة النسخة غير المعروفة الموجودة عندهما ، فحيث لم ينبّها على ذلك بوجه فدلنا هذا على اشتمال النسخة الموجودة عندهما أيضاً على الزيادة المذكورة وإنما تركا نقلها اشتباهاً برواية الكليني قدسسره ، وعليه فالروايتان متعارضتان ولا مناص من الحكم بتساقطهما والرجوع إلى قاعدة الطهارة وهي تقتضي الحكم بطهارة العصير حينئذ.
الثالث : أن تنزيل شيء منزلة شيء آخر قد يكون على وجه الإطلاق ومن جميع الجهات والآثار ففي مثله يترتب على المنزّل جميع ما كان يترتب على المنزل عليه من
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٤٢٢.