وكيف كان ، فقد استدل بها على حرمة العصير الزبيبي عند غليانه قبل أن يذهب ثلثاه. والصحيح أن الرواية غير صالحة للاستدلال بها على هذا المدعى ولا لأن يؤتى بها مؤيدة للتفصيل المتقدم نقله ، وذلك لضعف سندها فان زيداً النرسي لم يوثّقه أرباب الرجال ولم ينصّوا في حقه بقدح ولا بمدح. على أنّا لو أغمضنا عن ذلك وبنينا على جواز الاعتماد على روايته نظراً إلى أن الراوي عن زيد النرسي هو ابن أبي عمير وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، فأيضاً لا يمكننا الاعتماد على روايته هذه ، إذ لم تثبت صحة أصله وكتابه الذي أسندوا الرواية إليه ، لأنّ الصدوق وشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد قد ضعّفا هذا الكتاب وقالا : إنّه موضوع وضعه محمّد بن موسى الهمداني (١).
والمجلسي قدسسره إنما رواها عن نسخة عتيقة وجدها بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي (٢) ، ولم يصله الكتاب بإسناد متصل صحيح ، ولم ينقل طريقه إلينا على تقدير أن الكتاب وصله بإسناد معتبر ، فلا ندري أن الواسطة أيّ شخص ولعله وضّاع أو مجهول ، وأما الأخبار المروية في غير تلك النسخة كتفسير علي بن إبراهيم القمي وكامل الزيارة وعدّة الداعي وغيرها عن زيد النرسي بواسطة ابن أبي عمير ، فلا يدل وجدانها في تلك النسخة على أنها كتاب زيد المذكور واصلة ، وذلك لأنّا نحتمل أن تكون النسخة موضوعة وإنما أدرج فيها هذه الأخبار المنقولة في غيرها تثبيتاً للمدعى وإيهاماً على أنها كتاب زيد واصلة.
وعلى الجملة أنّا لا نقطع ولا نطمئن بأن النسخة المذكورة كتاب زيد كما نطمئن بأن الكافي للكليني والتهذيب للشيخ والوسائل للحر العاملي ( قدس الله أسرارهم ) ، والذي يؤيد ذلك أنّ شيخنا الحر العاملي لم ينقل عن تلك النسخة في وسائله مع أنها كانت موجودة عنده بخطه على ما اعترف به شيخنا شيخ الشريعة قدسسره ، بل ذكر على ما ببالي أنّ النسخة التي كانت عنده منقولة عن خط شيخنا الحرّ العاملي
__________________
(١) الفهرست للشيخ : ٧١ نقلاً عن فهرست الصدوق.
(٢) البحار ١ : ٤٣.