بواسطة (١) وليس ذلك إلاّ من جهة عدم صحّة إسناد النسخة إلى زيد أو عدم ثبوته. وبعد هذا كلّه لا يبقى للرواية المذكورة وثوق ولا اعتبار فلا يمكننا الاعتماد عليها في شيء من المقامات.
ومنها : رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى أبي الحسن عليهالسلام ، قال : « سألته عن الزبيب هل يصلح أن يطبخ حتى يخرج طعمه ثم يؤخذ الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ثم يرفع فيشرب منه السنة؟ فقال : لا بأس به » (٢) حيث نفت البأس عن العصير الزبيبي فيما إذا ذهب عنه ثلثاه ولم تنف البأس عنه قبل ذهابهما. وفيه : أن نفيه عليهالسلام البأس عن العصير الزبيبي عند ذهاب ثلثيه لم يظهر أنه من أجل حرمته قبل ذهابهما ونجاسته فلا بأس بشربه بعده لحليته وطهارته ، أو أنه مستند إلى أمر آخر مع الحكم بحلية العصير وطهارته قبل ذهاب الثلثين وبعده وهو أن العصير لو بقي سنة من غير إذهاب ثلثيه نش من قبل نفسه وحرم فلا يمكن إبقاؤه للشرب منه سنة إلاّ أن يذهب ثلثاه. نعم ، لا بأس بإبقائه سنة بعد ذهابهما فلا دلالة لها على حرمته قبل ذهابهما ولا على نجاسته ، وهذا الاحتمال من القوة بمكان.
وظنِّي أنّ العصير بجميع أقسامه يشتمل على المادة الألكلية التي هي الموجبة للإسكار على تقدير نضجه ومع الغليان إلى أن يذهب ثلثاه ترتفع عنه المادة المسببة للإسكار فلا يعرضه النشيش وإن بقي سنة أو سنتين أو أكثر ولا ينقلب مسكراً بإبقائه ، ومن هنا ترى أن الدبس في بعض البيوت والدكاكين يبقى سنة بل سنتين من غير أن يعرضه النشيش ، وهذا بخلاف ما إذا لم يذهب ثلثاه لأنه إذا بقي مدّة ووصلت حرارته إلى مرتبة نضج المادة الألكلية فلا محالة ينش وبه يسقط عن قابلية الانتفاع به ، ولعله السر في نفيه عليهالسلام البأس في الرواية عن إبقاء العصير إلى سنة إذا ذهب عنه ثلثاه ، ومع هذا الاحتمال كيف يمكن الاستدلال بها على حرمة
__________________
(١) إفاضة القدير : ٢٤.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٢٩٥ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٨ ح ٢.