أو أن المراد بها ذات العمل بمعنى أن الحرام أُخذ مشيراً إلى الذوات من اللواط والزنا والاستمناء ونحوها وإن لم يكن فاعلها مستحقاً للعقاب بفعلها ، حيث إن المحرم مبغوض ولا يرضى الشارع بفعله أبداً وإن لم يستحق فاعله العقاب ، ومن هنا يوبّخ الصبي إذا ارتكب شيئاً من المحرمات مع عدم كونها محرمة في حقه بالفعل.
فعلى الأول لا يحكم بنجاسة عرق الصبي لعدم حرمة العمل الصادر منه بالفعل بحيث يستحق العقاب بفعله ، لأدلة رفع القلم عن الصبي فالجنابة غير متحققة بالإضافة إليه ، وعلى الثاني لا بد من الحكم بنجاسة عرقه إذا أجنب من الحرام لأنه عمل مبغوض ولا يرضى الشارع بفعله وإن لم يكن فاعله وهو الصبي مستحقاً للعقاب.
والظاهر أن الأوّل هو المتعين الصحيح ، لأن ظاهر أخذ الحرام موضوعاً للحكمين المتقدِّمين أن لعنوان الحرام مدخلية في ترتبهما وأنه أُخذ في موضوعهما بما أنه حرام فحمله على أنه أُخذ مشيراً إلى أمر آخر هو الموضوع في الحقيقة أعني ذات العمل خلاف الظاهر ولا يصار إليه إلاّ بقيام قرينة تدل عليه ، ومعه لا مناص من حمل الحرام على الحرام الفعلي الذي يستحق فاعله العقاب.
ويؤيد ذلك أن الوطء بالشبهة مع أنه عمل مبغوض في ذاته لم يلتزموا فيه بنجاسة عرق الواطئ أو بمانعيّته في الصلاة ، ولا وجه له إلاّ عدم كون الوطء بالشبهة محرّماً فعلياً في حق فاعله ، وكذلك الغافل ونحوه. فالمتحصل أن العمل إذا لم يكن محرّماً فعلياً بالإضافة إلى فاعله إما لأجل أنه لا حرمة بحسب الواقع أصلاً كما في مثل الصبي وإما لعدم كون الحرمة فعلية وإن كانت متحقِّقة في نفسها كما في حق الواطي بالشّبهة فلا يمكن الالتزام بنجاسة عرقه ولا بمانعيته في الصلاة.
وأمّا الجهة الثانية : أعني صحة الغسل من الصبي وفساده بعد الفراغ عن نجاسة عرقه فملخص الكلام فيها : أن المسألة من صغريات الكبرى المعروفة وهي مشروعية عبادات الصبي وعدمها ، وتفصيل الكلام في تحقيقها يأتي في بحث الصلاة