الثانية : ما إذا علمنا بطرو مطهّر عليه في زمان كمنتصف اللّيل في المثال إلاّ أنّا شككنا في نجاسته للشك في زمان حصولها حيث لا ندري أن النجاسة الكلية بحسب الزمان الثابتة بالبينة هل كانت متحقِّقة في أوّل اللّيل فارتفعت أو أنها كانت متحقِّقة في آخره فهي باقية ، ولا مانع حينئذ من استصحاب النجاسة الجامعة بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع لأنه من القسم الثاني من استصحاب الكلي وهو جار في نفسه ، إلاّ أنه معارض باستصحاب بقاء الطهارة الطارئة على الإناء في منتصف الليل في المثال ، حيث نشك في بقائها من جهة احتمال وقوع النجاسة في آخر اللّيل فيستصحب طهارتها ، وحيث إنه معارض باستصحاب النجاسة فيتساقطان فيرجع إلى قاعدة الطهارة في المشهود به.
الثالثة : ما إذا شككنا في أن الإناء هل طرأ عليه مطهر في أحد الزمانين أم لم يطرأ. ويجري في هذه الصورة استصحاب النجاسة الكلية بحسب الزمان ، لأنّا كنّا على يقين من حدوثها بالبينة وإن لم ندر زمانها وهو من استصحاب القسم الثاني من الكلي ، إذ قد أوضحنا في محلّه أن الجامع لا يلزم أن يكون جامعاً لفردين أو الأفراد ، بل إذا كان جامعاً بين زمانين في فرد واحد أيضاً يجري فيه الاستصحاب الكلي فليراجع.
ودعوى أنه من استصحاب الفرد المردد مدفوعة بما ذكرناه في محلِّه من أنّ الفرد المردّد مما لا معنى له فهو من استصحاب الكلي بين حالتين أو حالات وإن كان أمراً جزئياً في نفسه. وبالجملة إذا شككنا في المقام في ارتفاع النجاسة الجامعة بحسب الزمان لاحتمال طرو مطهّر على الإناء ولو بآن بعد تحقق النجاسة فلا مانع من استصحابها ، ومرجع استصحاب الأحكام الجزئية إلى استصحاب الموضوع الخارجي كما بيّناه في محلِّه فمرجع استصحاب نجاسة الإناء إلى استصحاب عدم طرو رافعها.
هذا كله بناء على عدم ثبوت الموضوعات الخارجية بغير البينة ، وأما إذا اكتفينا في ثبوتها بخبر العدل الواحد فلا مناص من الحكم بنجاسة المشهود به فعلاً في جميع الصور المتقدمة لقيام خبر العدل على نجاسة الإناء بالفعل ، ولا ينافيه الخبر الآخر الحاكي عن نجاسته في الزمان السابق كما هو الظاهر ، اللهمّ إلاّ أن تقع بينهما المعارضة من ناحية وحدة الواقعة المشهود بها ، حيث يستحيل أن تقع في زمانين مختلفين ومعه