الصحاري والقفار لقلة الماء وعزّته يعامل معه معاملة الأعيان الطاهرة بعد زوال العين عنه ، فطهارة بدن الحيوان بعد زوال العين مما لا ريب فيه.
ثم إن الشك في تنجس ما وقع عليه مثل الذباب في مفروض المسألة من ثوب أو بدن ونحوهما ، قد يكون مستنداً إلى الشك في السراية من جهة الشك في رطوبة الجسم الملاقي أو الشك في بقاء الرطوبة النجسة في رجل الذباب مثلاً ، حيث علمنا بوقوعه على النجس الرطب وقد كانت رجله مشتملة على عين النجس ورطوبتها يقيناً ، إلاّ أنّا نشك في بقائها فيما إذا طار عن العين النجسة ووقع على الثوب أو البدن الجاف أو الرطب بغير رطوبة مسرية ، ففي مثل ذلك لا يحكم بنجاسة ما وقع عليه الذباب مثلاً باستصحاب بقاء الرطوبة ، لما عرفت من أنه لا يثبت سراية النجاسة إلى الملاقي إلاّ على القول بالأصل المثبت. ولا يفرق في ذلك بين القول بتنجس بدن الحيوان وطهارته بزوال العين عنه وبين القول بعدم تنجسه من الابتداء.
وقد يستند إلى الشك في بقاء العين النجسة أو المتنجسة في رجل الذباب مثلاً مع العلم برطوبة الشيء الذي وقع عليه الذباب كالماء أو الثوب أو البدن الرطبين ونحوها مما نعلم أن فيه رطوبة مسرية ، ويفصّل في هذه الصورة بين ما إذا قلنا بتنجس بدن الحيوان وطهارته بزوال العين عنه ، وبين ما إذا قلنا بعدم تنجسه من الابتداء ، فإنه على الأوّل قد علمنا بنجاسة رجل الذباب في المثال وقد فرضنا أنه لاقاه ماء أو ثوب فيه رطوبة مسرية بالوجدان فلا مناص معه من الحكم بنجاستهما ، ومجرّد الشك في زوال النجاسة عنه لا يوجب الحكم بطهارة الملاقي بل يحكم ببقائها وعدم زوال النجاسة عن الحيوان بالاستصحاب. وأما على الثاني فلا يمكننا الحكم بنجاسة ملاقي بدن الحيوان ، لعدم نجاسة بدنه على الفرض. وأما اشتماله على عين النجس فهو وإن كان قطعياً في زمان إلاّ أن استصحاب بقائها على بدنه إلى حين ملاقاته الماء أو الثوب لا يثبت أنه لاقى النجس للشك في أنه لاقى رجل الذباب أو لاقى العين النجسة الموجودة على رجله ، فالتعبد ببقاء العين على رجله لا يثبت ملاقاة الماء أو الثوب مع النجس إلاّ على القول بالأصل المثبت.
وبعبارة واضحة الموضوع المعلوم في الخارج وهو ملاقاة الماء لرجل الذباب مثلاً