لا أثر له ، إذ المفروض أن بدن الحيوان لا ينجس ، وما هو موضوع الأثر وهو ملاقاة الماء مع العين الملاقية لرجل الذباب لم يحرز إلاّ على القول بالأصل المثبت ، فإذن لا يحكم بنجاسة الماء.
والتفصيل بذلك هو الذي ذهب إليه المشهور وهو الوجه المؤيد المنصور ، إلاّ أنه قد يقال بعدم نجاسة ملاقي الحيوان مطلقاً ولو على القول بتنجس بدنه وذلك لعدم جريان الاستصحاب في الحيوان نفسه ، لأن زوال العين مطهّر للحيوان على الفرض فنجاسة بدنه إنما هي ما دام لم تزل عنه عين النجس ، فلو حكمنا بنجاسة ملاقي الحيوان حينئذ مع الشك في بقاء العين وزوالها فهو من جهة استصحاب بقاء العين النجسة وعدم زوالها عن بدنه ، ولكن الاستصحاب غير جار لأنّ الأُصول العملية التي منها الاستصحاب يعتبر في جريانها أن يترتب عليها أثر عملي كما هو مقتضى كونها أصلاً عملياً ولا أثر لنجاسة بدن الحيوان في المقام ، لأن الملاقي إنما يلاقي العين النجسة قبل أن يلاقي الحيوان بزمان فالأثر الذي هو نجاسة الملاقي مستند إلى ملاقاة نفس العين النجسة لا إلى ملاقاة عضو الحيوان ليستصحب نجاسته.
ولا يخفى فساده وذلك لأن هذا القائل إن أراد أن الحكم بالنجاسة في ظرف اليقين ببقاء العين لا أثر له فإن نجاسة الملاقي يستند إلى ملاقاة العين لا إلى ملاقاة المحل فيردّه : أن للنجاسة أحكاماً أُخر غير نجاسة الملاقي فلا مانع من الحكم بها من جهة تلك الآثار ، ومع ذلك لا مانع من الاستصحاب والحكم بنجاسة الملاقي بقاءً ، ولا يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون الأثر أثراً للمتيقن حدوثاً بل يكفي أن يكون أثراً له بقاءً. وإن أراد أن الاستصحاب لا يترتب عليه الحكم بنجاسة الملاقي ، فإن العين إذا كانت باقية فنجاسة الملاقي مستندة إلى ملاقاتها ، وإن لم تكن باقية فالمحل طاهر ولا أثر لملاقاته فبالنتيجة نعلم وجداناً بعدم تنجس الملاقي بملاقاة المحل فكيف يمكن الحكم به بالتعبد ببقاء نجاسة المحل ، فيرد عليه : أن الحكم بنجاسة الملاقي ليس مسبباً ومعلولاً للملاقاة ونجاسة الملاقي بأن يكون حكماً شرعيّاً مترشحاً من موضوع خارجي أو من حكم شرعي آخر ، فإن الأحكام الشرعية كلّها اعتبارات خاصّة لا تنشأ إلاّ من إرادة من بيده الاعتبار ويستحيل أن تنشأ من أمر تكويني أو من اعتبار