[٢٣٦] مسألة ٨ : لا يكفي مجرد الميعان في التنجس ، بل يعتبر أن يكون مما يقبل التأثر وبعبارة اخرى يعتبر وجود الرطوبة في أحد المتلاقيين ، فالزئبق إذا وُضِعَ في ظرف نجس لا رطوبة له لا يتنجّس وإن كان مائعاً ، وكذا إذا اذيب الذهب أو غيره من الفلزات في بوتقة نجسة أو صب بعد الذوب في ظرف نجس لا يتنجّس إلاّ مع رطوبة الظرف أو وصول رطوبة نجسة إليه من الخارج (١).
______________________________________________________
المتنجِّسة في الثوب؟
فيه تفصيل وذلك لأن الأثر المترتب على وجود تلك الأجزاء في الثوب مثلاً أمران : أحدهما : الحكم بنجاسة ملاقي الثوب ونحوه إذا كان رطباً كاليد الرطبة أو الماء القليل كما إذا ألقينا الثوب في حبّ من الماء. وثانيهما : بطلان الصلاة فيه لأنه حامل للنجس وحمله بتلك الكيفية مبطل لها. أما بالإضافة إلى الأمر الأوّل فلا يمكن استصحاب بقاء الأجزاء النجسة في الثوب لأجل الحكم بنجاسة ملاقيه الرطب وذلك لأن المقدار المتيقن إنما هو ملاقاة الثوب للماء مثلاً ، وهي غير موجبة للحكم بنجاسة الماء لعدم نجاسة الثوب على الفرض ، وإنما الموجب للحكم بنجاسة الماء هو ملاقاة الأجزاء النجسة الطارئة على الثوب ، إلاّ أن استصحاب بقائها لا يثبت أنها لاقت الماء إلاّ على القول بالأصل المثبت ، فالاستصحاب بالإضافة إلى هذا الأثر غير جار سواء أدرجناه تحت القسم الثالث من الكلي أم تحت غيره. وأما بالإضافة إلى الأثر الثاني فلا مانع من استصحاب بقاء الأجزاء النجسة في الثوب لأن المفروض ان الثوب الحامل للنجاسة بتلك الكيفية محكوم ببطلان الصلاة فيه ، فاذا شككنا في بقائه على وصفه يجري استصحاب بقائه على الأوصاف السابقة وبه يحكم ببطلان الصلاة الواقعة فيه.
(١) قد عرفت أن المائع إذا لاقى نجساً يحكم بنجاسته لأنه مرطوب برطوبة مسرية ، ومعها لا حاجة إلى اعتبار رطوبة النجس في نجاسة ملاقية إلاّ أن هذا يختص بالمائع الرطب ، وأما المائع الجاف الذي لا يؤثر في ملاقيه كما لا يتأثر منه كالزئبق ونحوه فملاقاته النجس أو المتنجس اليابس لا يقتضي نجاسته وإن كان مائعاً ، كما إذا وضعناه على ظرف يابس متنجس فإنه لا يتأثر بذلك ولا ينتقل شيء من أجزائه إلى