الرواية مجملة ويرجع في غير صورة العلم بنجاسة الدم الموجود في منقار الطيور إلى أصالة الطهارة.
فيندفع بقيام القرينة على تعيّن الأخذ بإطلاق صدر الموثقة وهي ما أشرنا إليه آنفاً من أن تخصيصها بصورة العلم حمل للرواية على المورد النادر ، لأن العلم بنجاسة ما في منقار الطيور قليل الاتفاق غايته وعليه فالأصل في الدماء هو النجاسة.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الدعوى المتقدمة إلاّ أنه مما لا يمكن المساعدة عليه ، لأن صدر الموثقة وإن دلّ على أن الأصل الأولي هو النجاسة في الدماء إلاّ أنه في خصوص موردها وهو منقار الطيور لا في جميع الموارد ، وسرّه أن الموثقة قد دلت بإطلاقها على نجاسة كل دم في نفسه ، وقد خرجنا عن هذا الإطلاق بما دلّ على طهارة بعض الدماء ومنه ما تخلف في الذبيحة بعد الذبح ، كما دلت بإطلاقها على عدم جواز الشرب أو الوضوء من الماء الذي شرب منه الطير وفي منقاره دم وإن احتمل أنه من الدم الطاهر ، فاذا شك في دم أنه من المتخلف أو من غيره لم يمكن التمسك بإطلاقها ، لأنه من التمسك بالمطلق في الشبهات المصداقية وهو ممنوع كما قررناه في محلّه.
وأمّا إذا شكّ في نجاسة ما في منقار الطير من الدم فلا مانع فيه من التمسّك بإطلاقها والحكم بنجاسته ، لما مرّ من أن تخصيصها بصورة العلم غير ممكن لاستلزامه حمل الرواية على المورد النادر ، فكأن الشارع جعل الغلبة أمارة على النجاسة في مورد الموثقة تقديماً للظاهر على الأصل ، لأنّ الغالب في جوارح الطيور مساورة الجيف وعليه فلا أصل لأصالة النجاسة في غير مورد الموثقة ، فلو شككنا في طهارة دم ونجاسته فلا مناص من الحكم بطهارته بمقتضى قاعدة الطهارة. وأمّا إذا شككنا في نجاسته من ناحية عدم خروج المقدار المتعارف من الدم بالذبح فلا مناص من الحكم بنجاسته لاستصحاب عدم خروجه كذلك ، فان مدرك طهارة الدم المتخلف إنما هو السيرة ولا ريب في ثبوتها فيما أحرز خروج المقدار المتعارف من الدم ، وأمّا ثبوتها عند الشك في ذلك فغير محرز ومعه يرجع إلى عموم ما دلّ على نجاسة الدم.