وأوضح من الجميع الأخبار الناهية عن التوضؤ والشرب من الماء القليل الذي لاقته يد قذرة ، وفي بعضها الأمر بإراقته ، ولا وجه لذلك إلاّ انفعال الماء القليل بملاقاة اليد المتنجسة وسقوطه بذلك عن قابلية الانتفاع به فيما يشترط فيه الطهارة ، فإن ادّخاره لأن يسقى به البستان ونحوه أمر غير مألوف ، وهي عدة روايات فيها الصحيح والموثق فمنها : صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل يدخل يده في الإناء وهي قذرة ، قال : يكفئ الإناء » (١) أي يقلبه. والقذر بمعنى النجس يستعمل في قبال النظيف. ومنها : موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا أصاب الرجل جنابة فأدخل يده في الإناء فلا بأس إذا لم يكن أصاب يده شيء من المني » (٢) فان مفهومها أن يده إذا أصابها شيء من المني ففي إدخالها الإناء بأس ، وبهذا المفهوم صرّح في موثقته الأُخرى قال : « سألته عن رجل يمس الطست أو الركوة ثم يدخل يده في الإناء قبل أن يفرغ على كفيه؟ قال : يهريق من الماء ثلاث جفنات وإن لم يفعل فلا بأس ، وإن كانت أصابته جنابة فأدخل يده في الماء فلا بأس به إن لم يكن أصاب يده شيء من المني ، وإن كان أصاب يده فأدخل يده في الماء قبل أن يفرغ على كفيه فليهرق الماء كلّه » (٣).
ومنها : ما في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع أيغتسل منه للجنابة أو يتوضأ للصلاة؟ إلى أن قال عليهالسلام : إن كانت يده نظيفة فليأخذ كفاً من الماء بيد واحدة » الحديث (٤). ومنها غير ذلك من الأخبار ، حيث إنّ إطلاقها يقتضي نجاسة الماء القليل الذي لاقته اليد المتنجسة كانت فيها عين النجس أم لم تكن لأنها قذرة ومتنجسة على كل حال. والإنصاف أن دلالة هذه الأخبار على تنجيس المتنجس في غاية الظهور والوضوح.
__________________
(١) ، (٢) ، (٣) الوسائل ١ : ١٥٣ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٧ ، ٩ ، ١٠.
(٤) الوسائل ١ : ٢١٦ / أبواب الماء المضاف ب ١٠ ح ١.