الطاهر إذا لاقى جسماً آخر لا تسري طهارته إليه ولو مع الرطوبة المسرية ، وهذا بخلاف النجاسة فإنها موجبة لسراية النجس من أحد المتلاقيين إلى الآخر (١) ، وعليه فإذا فرضنا أن إناء أو أواني متعدِّدة قد وضعت في مكان يساورها أشخاص مختلفة فيباشرها الصغير والكبير والرجال والنساء والمبالين لأُمور دينهم وغير المبالين كما في الحباب الموضوعة في الصحن الشريف سابقاً فنقطع بالضرورة بنجاسة تلك الآنية أو الأواني للقطع بملاقاتها مع المتنجس من يد أو شفة ونحوهما ، كما هو الشاهد المحسوس في أوقات الكثرة والازدحام كأيام الزيارات ونحوها فان من لاحظ كيفية حركات النساء والصبيان وسكناتهم وعدم اجتنابهم عن النجاسات فضلاً عن المتنجسات لم يحتج في الإذعان بذلك إلى أزيد مما سردناه ، فاذا جزمنا في أوقات الازدحام بنجاسة الإناء أو الأواني المتعددة لعلمنا بنجاسة جميع من باشره ، إذ يتنجس بذلك بدنه وثيابه فاذا مضى على ذلك زمن غير طويل لأوجب تنجس داره ، وبما أنه يخالط الناس ويساورهم فتسري النجاسة إلى جميع البلاد بمرور الدهور والأيام كما لا يخفى وجهه على من ابتلى بنجاسة في واقعة وغفل عن تطهيرها إلاّ بعد أن خالط الناس.
وكذلك الحال في أدوات البنائين وآلاتهم حيث لا يزالون يستعملونها في جميع البقاع والأمكنة مع القطع بنجاسة بعضها بالبول أو بإصابة متنجس كالكنيف لوضوح أن الدور والبقاع لا يطرأ عليها مطهر ، كما أن عادتهم لم تجر على غسل أدواتهم وتطهيرها بعد استعمالها في الكنيف فبذلك تتنجس جميع أبنية البلاد. وكذلك الحال في المقاهي والمطاعم حيث يدخلهما كل وارد وخارج وهو يوجب القطع بنجاسة الأواني المستعملة فيهما للقطع بأن بعض الواردين عليهما نجس أو في حكمه كما في اليهود والنصارى وفسقة المسلمين وغير المبالين منهم بالنجاسة ، حيث يدخلونهما ويشربون فيها الماء والشاي مع نجاسة أيديهم أو شفاههم وهذا يوجب القطع بسراية النجاسة إلى جميع البلاد.
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٧٩ السطر ٩.