في الإناء ، قال : لا بأس (١) حيث دلت على أن الأرض ولو كانت متنجسة غير موجبة لتنجس القطرات المنتضحة منها في الإناء هذا. ويمكن أن يقال إن الأخبار الواردة بهذا المضمون غير ناظرة إلى عدم تنجيس المتنجس وإنما سيقت لبيان أن القطرات المنتضحة من غسالة الجنابة في الإناء غير مانعة عن صحة الاغتسال بالماء الموجود فيه ، وأن حكمها ليس هو حكم الغسالة في كونها مانعة عن صحته.
ومنها : ما ورد في القطرات المنتضحة من الكنيف أو المكان الذي يبال فيه عند الاغتسال أو غيره ، قال : لا بأس به. حيث دلت بإطلاقها على طهارة القطرات المنتضحة من الكنيف وإن علمنا بنجاسة الموضع المنتضح منه الماء ، لعدم استفصالها بين العلم بنجاسة الموضع وبين العلم بطهارته أو الشك فيها وترك الاستفصال دليل العموم. وهذه الأخبار على طائفتين فإن منها ما يقتضي طهارة القطرات المنتضحة مطلقاً بلا فرق في ذلك بين صورتي جفاف الأرض ورطوبتها (٢) ومنها ما دلّ على طهارتها مقيدة بما إذا كانت الأرض جافة ، وهذا كما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال : « سألته عن الكنيف يصب فيه الماء فينضح على الثياب ما حاله؟ قال : إذا كان جافاً فلا بأس » (٣) وظاهرها أن للجفاف مدخلية في الحكم بطهارة القطرات المنتضحة من الكنيف كما أن للرطوبة خصوصية في الحكم بنجاستها ، وبها يقيد إطلاق الطائفة المتقدِّمة فيختص الحكم بطهارة الماء المنتضح بما إذا كانت الأرض جافة.
ودعوى أنّ التقييد بالجفاف إنما هو من جهة ملازمته للشك في نجاسة المكان وطهارته ، كما أن رطوبة الكنيف تلازم العلم بنجاسته. مندفعة بأن الجفاف غير مستلزم للشك في نجاسة الكنيف كما أن الرطوبة غير مستلزمة للعلم بنجاسته ، إذ الجفاف قد يقترن بالشك في نجاسته وقد يقترن بالعلم بها وكذلك الرطوبة تارة تقترن بالعلم بالنجاسة وأُخرى تجتمع مع الشك فيها ، وكيف كان ، فالمستفاد من هذه الطائفة
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١١ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١ ، ٥ ، ٦.
(٢) الوسائل ١ : ٢١٣ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٧.
(٣) الوسائل ٣ : ٥٠١ / أبواب النجاسات ب ٦٠ ح ٢.