أ يؤكل ذلك الخبز؟ قال : إذا أصابته النار فلا بأس بأكله » (١) ، وهذه الرواية مضافاً إلى ضعف سندها ولو من جهة أحمد بن محمد بن عبد الله بن زبير حيث إن الرجل لم يوجد له ذكر في الرجال بل قد نص بجهالته فليراجع (٢) قاصرة الدلالة على المقصود ، لأنّ الاستدلال بها على مطهرية النار يتوقف على القول بانفعال ماء البئر بملاقاة النجس ، وقد قدمنا في محله أن ماء البئر معتصم بمادته واستدللنا على ذلك بعدة من الأخبار فلتكن منها هذه الرواية ، وعليه فالغرض من نفي البأس عن أكله معلقاً بإصابة النار للخبز إنما هو دفع الاستقذار المتوهم في الماء نظراً إلى ملاقاته الميتة. فكأنّ إصابة النار تذهب بالتوهّم المذكور.
ومنها : ما رواه الكليني والشيخ عن زكريا بن آدم قال : « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير ، قال : يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب ، واللّحم اغسله وكله ، قلت : فإنه قطر فيه الدم ، قال : الدم تأكله النار إن شاء الله ... » (٣) وفيها مع ضعف سندها بابن المبارك أن قوله : « الدم تأكله النار » إنما يناسب السؤال عن حلية أكل الدم الواقع في المرق ، ومن هنا أجاب عليهالسلام عن حكم الدم ولم يجب عن طهارة المرق ونجاسته ، إذ لو كان السؤال عن طهارته بالنار وعدمها لكان المتعين أن يجيب بأن النار مطهّرة أو ليست بمطهّرة كما قدّمناه في الجواب عن الرواية الأُولى ، ومعه لا مناص من حمل الدم على الدم الطاهر وانّه وإن كان يحرم أكله ، إلاّ أنه لا مانع من أكل المرق واللحم إذا انعدم الدم الموجود فيهما بالنار أو استهلك في ضمنهما. وكيف كان فلا دلالة للرواية على أن الدم الواقع في المرق كان من القسم النجس ولا على مطهرية النار بوجه.
ومنها : ما عن سعيد الأعرج قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قدر فيها
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٥ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ١٧.
(٢) راجع تنقيح المقال ١ : ٨٨.
(٣) الكافي ٦ : ٤٢٢ ح ١. التهذيب ١ : ٢٧٩ / ٨٢٠. الوسائل ٣ : ٤٧٠ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٨.