وعن المبسوط والنهاية في باب المياه (١) والنافع (٢) والقواعد (٣) وغيرها التفصيل بين الوقت وخارجه فيعيد في الوقت دون خارجه وهناك تفصيل آخر احتمله الشهيد في ذكراه بل مال إليه في الدروس (٤) وقوّاه في الحدائق وادعى أنه ظاهر الشيخين والصدوق (٥) وهو التفصيل بين من شك في طهارة ثوبه أو بدنه ولم يتفحص عنها قبل الصلاة وبين غيره فيعيد في الأول دون غيره.
والصحيح ما هو المشهور بينهم من صحة صلاته وعدم وجوب الإعادة لا في الوقت ولا في خارجه ، وذلك لا لما ذكره بعضهم من أن الشرطية والجزئية إنما تنشآن من الأوامر الواردة بغسل الثوب أو البدن أو النواهي الواردة عن الصلاة في النجس ومن الظاهر أن الأوامر والنواهي إنما تتحققان في فرض العلم ولا يثبتان في حق الجاهل. والوجه في عدم اعتمادنا عليه أن منشأ الشرطية والجزئية وإن كان هو الأوامر الغيريّة المتعلِّقة بغسل الثوب والبدن أو النواهي الغيرية المتعلقة بالصلاة في النجس إلاّ أنها أوامر أو نواهي إرشادية والإرشاد كالحكاية والاخبار ، فكما أنهما تعمّان العالمين والجاهلين كذلك الإرشاد الذي وزانه وزانهما لإطلاقه ، ولا وجه لمقايسة الأوامر الغيرية الإرشادية بالأوامر النفسية التي لا تثبت في حق غير العالمين هذا. على أن هذا الكلام لو تم فإنما يتم في موارد الخطأ والنسيان والجهل المركب ونحوها لا بالإضافة إلى الجاهل البسيط ، إذ لا مانع من شمول الأوامر والنواهي للجاهل غاية الأمر أنها لا تكون منجّزة في حقه ، وكم فرق بين الثبوت والتنجز. هذا مضافاً إلى دلالة الأخبار وقيام الإجماع والضرورة على أن الأحكام الشرعية مشتركة بين العالمين والجاهلين.
بل الوجه فيما ذكرناه دلالة حديث لا تعاد على عدم وجوب الإعادة ، لما عرفت
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٨ ، النهاية : ٨.
(٢) المختصر النافع : ١٩.
(٣) قواعد الأحكام ١ : ١٩٤.
(٤) الذكرى : ١٧ السطر ١٧ ، الدروس ١ : ١٢٧.
(٥) الحدائق ٥ : ٤١٥ ، ٤١٧.