من أن الطهور في الحديث بمعنى ما يتطهّر به من الحدث فالطهارة من الخبث مما لا تعاد منه الصلاة. ويدلُّ عليه أيضاً جملة من الصحاح : منها : صحيحة العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل صلّى في ثوب رجل أياماً ثم إن صاحب الثوب أخبره أنه لا يصلِّي فيه ، قال : لا يعيد شيئاً من صلاته » (١) ومنها : مصححة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب ، أيعيد صلاته؟ قال : إن كان لم يعلم فلا يعيد » (٢). ومنها : صحيحتا زرارة ومحمد بن مسلم الآتيتان. ومنها غير ذلك من الأخبار حيث تدل على نفي وجوب الإعادة فضلاً عن القضاء ، بل لعل الصحيحة صريحة في نفي وجوبه ومن هنا لم يستشكلوا في الحكم بعدم وجوب القضاء.
وأما من فصّل بين الوقت وخارجه فقد اعتمد على روايتين : إحداهما : صحيحة وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليهالسلام « في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم بها صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد ذلك ، قال : يعيد إذا لم يكن علم » (٣) وثانيتهما : موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن رجل صلّى وفي ثوبه بول أو جنابة ، فقال : علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصلاة إذا علم » (٤) بدعوى أن هاتين الروايتين وإن دلتا على وجوب الإعادة مطلقاً فالنسبة بينهما وبين الصحاح النافية للإعادة مطلقاً نسبة التباين ، إلاّ أن القاعدة تقتضي تخصيصهما أوّلاً بما هو صريح في عدم وجوب الإعادة خارج الوقت ، لأن النسبة بينهما وبينه بالإضافة إلى الإعادة في خارج الوقت نسبة النص أو الأظهر إلى الظاهر ، وبعد ذلك تنقلب النسبة بينهما وبين الطائفة النافية إلى العموم المطلق ، حيث إنهما تقتضيان وجوب الإعادة في الوقت والطائفة النافية تنفي وجوبها في الوقت وخارجه ، فلا مناص من الجمع بينهما بحمل الطائفة النافية على إرادة الإعادة خارج الوقت وحمل الروايتين الآمرتين بالإعادة على الإعادة في الوقت هذا.
ويرد على هذا الجمع أوّلاً : أن صحيحة وهب وإن كانت تامة سنداً إلاّ أنها
__________________
(١) ، (٢) ، (٣) ، (٤) الوسائل ٣ : ٤٧٥ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ٩.