مجملة.
وثانياً : أنّ حمل الأخبار النافية للإعادة على نفيها خارج الوقت مما لا يتحمّله جميعها ، فدونك صحيحة زرارة حيث ورد فيها : « فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئاً ثم صليت فرأيت فيه؟ قال : تغسله ولا تعيد الصلاة قلت : لم ذلك؟ قال : لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شكّكت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً » (١) لأنها كما ترى علّلت عدم وجوب الإعادة بالاستصحاب ، فلو كان عدم وجوبها مستنداً إلى خروج وقت الصلاة لكان المتعين أن يعلل بذلك لا بالاستصحاب المشترك بين الوقت وخارجه ، وذلك فان استصحاب طهارته إنما يناسب أن تكون علّة لجواز دخوله في الصلاة وهو شاك في طهارة ثوبه ولا يناسب أن يكون علّة لعدم وجوب الإعادة في مفروض المسألة ، لما بيّناه في محلِّه من أن الأحكام الظاهرية لا تقتضي الإجزاء وبذلك نستفيد من الصحيحة أنّ الطهارة التي هي شرط الصلاة أعم من الظاهرية والواقعية ، فمع إحرازها يحكم بصحة الصلاة ولا تجب إعادتها في الوقت ولا في خارجه لكونها واجدة لشرطها ومعه كيف يصح حملها على إرادة الإعادة في الوقت دون خارجه. فالروايتان الآمرتان بالإعادة في الوقت على تقدير تماميتهما تعارضان الصحيحة كما تعارضان صحيحة محمد بن مسلم ورواية أبي بصير الآتيتين. فالصحيح حمل الروايتين على استحباب الإعادة في الوقت والحكم بعدم وجوبها لا فيه ولا في خارجه. ولعله لأجلهما احتاط الماتن بالإعادة في الوقت.
وأما التفصيل بين من شك في طهارة ثوبه أو بدنه ولم يتفحص عنها قبل الصلاة وبين غيره بالحكم بالإعادة في الأول دون غيره ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون دخوله في الصلاة مستنداً إلى أصالة عدم نجاسة ثوبه أو بدنه وبين أن يكون مستنداً إلى غفلته ، فقد استدل له بجملة من الأخبار : منها : صحيحة زرارة المتقدمة حيث ورد فيها : « فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئاً ثم صليت
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ١.