فرأيت فيه ، قال : تغسله ولا تعيد الصلاة » الحديث (١) حيث رتب الحكم بعدم الإعادة على ما إذا نظر المكلف وفحص عن نجاسة ثوبه ولم ير شيئاً قبل الصلاة.
وفيه : أن فرض النظر والفحص عن النجاسة قبلها إنما ورد في سؤال الراوي لا في جواب الإمام عليهالسلام ولم يعلّق الحكم في كلامه على الفحص قبل الصلاة. على أن الصحيحة فيها جملتان صريحتان في عدم اعتبار الفحص والنظر في عدم وجوب الإعادة : إحداهما : قوله : « لا ولكنك إنما تريد أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك » بعد ما سأله زرارة بقوله : فهل عليَّ إن شككت في أنه أصابه شيء أن أنظر فيه؟ حيث إنها تنفي وجوب الفحص والنظر وتدل على أن فائدتهما منحصرة بزوال الوسوسة والتردد الذي هو أمر تكويني ، فلو كانت لهما فائدة شرعية كعدم وجوب الإعادة بعد الالتفات لم تكن الثمرة منحصرة بذهاب الوسوسة ولكان الأولى بل المتعين التعليل بتلك الفائدة الشرعية. وثانيتهما : قوله : « لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً » حيث علل عدم وجوب الإعادة بأنه كان مورداً للاستصحاب الذي مرجعه إلى أن شرط الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية وهو متحقق في مورد السؤال بلا فرق في ذلك بين الفحص والنظر قبل الصلاة وعدمهما.
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ذكر المني فشدّده فجعله أشد من البول ، ثم قال : إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة ، وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيته بعد فلا إعادة عليك فكذا البول » (٢) حيث رتبت الحكم بعدم الإعادة على نظره في الثوب قبل الصلاة وهي تقتضي بمفهومها وجوب الإعادة إذا رأى المني أو البول في ثوبه بعد الصلاة ولم يكن نظر فيه قبلها.
وفيه : أن سوق العبارة وظاهرها أن المناط في الإعادة وعدمها إنما هو رؤية
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ١.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٨ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ٢ ، ٣.