الصلاة. ولا وجه لهما على تقدير كون الدم معفواً عنه في الصلاة ، بل يحرم الانصراف عنها حينئذ على ما هو المشهور من حرمة إبطال الصلاة ، إلاّ أنها مطلقة من ناحية شمولها الدم الحادث في أثناء الصلاة وما حدث منه قبلها ، فهذه الرواية كسابقتها إنما تشمل المقام بالإطلاق فنقيدها بما إذا حدث في أثناء الصلاة بالأخبار المتقدِّمة المصرّحة ببطلانها في النجس السابق على الصلاة. كما أنها مطلقة من ناحية شمولها صورة عدم إزالة النجاسة مع التمكن منها ، فلا بد من تقييدها بما إذا أزالها أو بغير ذلك بقرينة الإجماع وسائر الأدلة القائمة على بطلان الصلاة في النجس عن علم وعمد.
ومنها : حسنة محمد بن مسلم قال « قلت له : الدم يكون في الثوب عليَّ وأنا في الصلاة؟ قال : إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلّ في غيره ، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم ، وما كان أقل من ذلك فليس بشيء رأيته قبل أو لم تره ، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه » (١) ومورد الاستشهاد منها قوله عليهالسلام « إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل في غيره » لدلالته على عدم بطلان الصلاة بالعلم بالنجاسة في أثنائها ولو كانت النجاسة سابقة على الصلاة.
ولا يخفى أنّ محتملات الرواية ثلاثة : الأوّل : أن يكون الموضوع في الرواية وموردها الدم الذي يعفى عنه في الصلاة ، بأن يكون القيد وهو قوله : « ما لم يزد على مقدار الدراهم » راجعاً إلى كلتا الجملتين الشرطيتين أعني قوله : « إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل في غيره » وقوله : « إن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك » فيقيد كل منهما بما إذا كان الدم أقل من الدرهم كما هو أحد المحتملات في الاستثناء المتعقب لجملتين أو أكثر ، إذ المراد به مطلق القيود لا خصوص الاستثناء كما لعله ظاهر. فمورد الرواية خصوص الدم المعفو عنه في الصلاة ، ومعه لا بدّ من حمل الأمر بطرح الثوب في الجملة الأُولى على مجرّد الاستحباب بقرينة
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٣١ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٦.