ما ورد في عدم بطلان الصلاة في الدم الأقل من الدرهم وبه صرح في ذيل الرواية بقوله : « وما كان أقل من ذلك فليس بشيء » لأنه كغيره من الأدلة الواردة في عدم بطلان الصلاة في الدم الأقل من الدرهم ، وعلى هذا الاحتمال الرواية أجنبية عن الدلالة على مسلك المشهور ، لأن البحث إنما هو في العلم بالنجاسة المانعة عن الصلاة دون ما لا يضر بصحتها.
الثاني : أن يكون موضوعها الدم الجامع بين ما يعفى وما لا يعفى عنه في الصلاة ، كما إذا أرجعنا القيد إلى خصوص الشرطية الأخيرة وهي قوله : « وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك » كما هو الحال في سائر القيود على ما قدمناه في البحث عن الاستثناء المتعقب للجمل المتعددة (١). وعلى هذا الاحتمال الجملة الأُولى تدل بإطلاقها على لزوم إزالة النجاسة في أثناء الصلاة والمضي فيها ، لكنّا علمنا بعدم وجوب إزالة الدم المعفو عنه فتختص الرواية بغيره فتدل على مسلك المشهور وأن الدم الكثير إذا علم به في أثناء الصلاة تجب إزالته حال الصلاة وإتمامها بلا فرق في ذلك بين وقوعه قبل الصلاة وبين وقوعه في أثنائها.
والجواب عن ذلك : أنّ الرواية مطلقة فوجب تقييدها بالأخبار المتقدِّمة الدالّة على بطلان الصلاة في النجاسة السابقة عليها فبذلك يحمل الدم على الدم الحادث في أثنائها. وبما ذكرناه يظهر الجواب عن الاستدلال بالرواية بناء على أن يكون المراد من كلمة الدم خصوص الدم الكثير وهو الاحتمال الثالث ، بل هو المتعين على رواية الشيخ قدسسره حيث نقلها عن الكليني قدسسره بإضافة لفظة « واو » قبل قوله : « ما لم يزد على مقدار الدرهم » وإسقاط قوله : « وما كان أقل » فجاءت الرواية هكذا : « ولا إعادة عليك. وما لم يزد على مقدار الدرهم من ذلك فليس بشيء .. » (٢).
هذا ولكن الظاهر عدم ثبوت رواية الشيخ قدسسره ، وذلك لأن الجملة الثانية « وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك » بناء على رواية
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٠٤.
(٢) التهذيب ١ : ٢٥٤ ح ٧٣٦.