غيره أو شيء من مني فعلّمت أثره إلى أن أُصيب له الماء ، فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت أن بثوبي شيئاً وصليت ، ثم إني ذكرت بعد ذلك ، قال : تعيد الصلاة وتغسله » (١). ومنها : صحيحة عبد الله بن أبي يعفور في حديث قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ، ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلي ، ثم يذكر بعد ما صلّى أيعيد صلاته؟ قال : يغسله ولا يعيد صلاته إلاّ أن يكون مقدار الدرهم مجتمعاً فيغسله ويعيد الصلاة » (٢) إلى غير ذلك من الأخبار. وبأزائها صحيحة العلاء عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشيء ينجسه فينسى أن يغسله فيصلِّي فيه ثم يذكر أنه لم يكن غسله ، أيعيد الصلاة؟ قال : لا يعيد قد مضت الصلاة وكتبت له » (٣) حيث تدلّ على صحّة صلاة الناسي وعدم وجوب إعادتها فهما متعارضتان.
وقد يتوهّم أنّ الجمع بينها وبين النصوص المثبتة للإعادة يقتضي حمل تلك النصوص على استحباب الإعادة بدعوى أنها ظاهرة في وجوب الإعادة والصحيحة صريحة في نفيها فبصراحتها يرفع اليد عن ظاهر النصوص المتقدمة وتحمل على استحباب الإعادة لناسي النجاسة.
وفيه : أن رفع اليد عن ظهور أحد الدليلين المتعارضين بصراحة الآخر إنما هو في الدليلين المتكفلين للتكليف المولوي ، كما إذا دلّ أحدهما على وجوب الدعاء حين كذا ودلّ الآخر على النهي عن الدعاء في ذلك الوقت فبصراحة كل منهما يرفع اليد عن ظاهر الآخر ، وأما في الدليلين الارشاديين فلا وجه لهذا الجمع بوجه ، حيث إنهما متعارضان ، لإرشاد أحدهما إلى فساد الصلاة عند نسيان النجاسة وإرشاد الآخر إلى صحتها ، فحالهما حال الجملتين الخبريتين إذا أخبرت إحداهما عن فساد شيء والأُخرى عن صحّته. فالإنصاف أنهما متعارضتان هذا ، على أن قوله عليهالسلام :
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٨٠ / أبواب النجاسات ب ٤٢ ح ٥ ، ٢.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٣٠ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ١.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٨٠ / أبواب النجاسات ب ٤٢ ح ٣.