« يعيد صلاته كي يهتم بالشيء إذا كان في ثوبه ، عقوبة لنسيانه » غير قابل الحمل على استحباب الإعادة فإن العقوبة لا تناسب الاستحباب ، بل التفصيل في بعض الأخبار المتقدِّمة بين الجاهل والناسي أظهر قرينة على وجوب الإعادة عليه ، إذ لو استحبت الإعادة في حقه لما كان هناك فرق بينه وبين الجاهل ، لأن الجاهل أيضاً تستحب الإعادة في حقه كما تقدم في صحيحة وهب بن عبد ربه وموثقة أبي بصير حيث حملناهما على استحباب الإعادة عليه.
فالصحيح في علاج المعارضة أن يقال : إن النصوص الآمرة بالإعادة من الروايات المشهورة المعروفة ، وصحيحة العلاء النافية لوجوب الإعادة رواية شاذة نادرة كما شهد بذلك الشيخ في تهذيبه (١) ، فبذلك تسقط الصحيحة عن الاعتبار لأنّ الرواية النادرة لا تعارض المشهورة بوجه ، وهذا لا لأنّ الشهرة من المرجحات حتى يقال إنه لا دليل على الترجيح بها فإن المرفوعة ضعيفة غايته ، وكذلك المقبولة لأن عمر بن حنظلة لم تثبت وثاقته وما دلّ على أنه لا يكذب علينا ضعيف ، بل من جهة أن الشهرة إذا بلغت تلك المرتبة في المقام كان معارض المشهور مما خالف السنة وقد أُمرنا بطرح ما خالف السنة أو الكتاب.
وعلى تقدير التنزّل عن ذلك أيضاً لا يمكننا الاعتماد على الصحيحة ، لأنّ العلاّمة في التذكرة نسب القول بعدم وجوب الإعادة في المسألة إلى أحمد (٢) ونسبه الشيخ قدسسره إلى جملة معظمة من علمائهم كالأوزاعي والشافعي في القديم وأبي حنيفة وقال : روي ذلك عن ابن عمر (٣) فالصحيحة إذن موافقة للعامّة (٤) ومخالفة العامّة من
__________________
(١) أوردها الشيخ في تهذيبه ١ : ٤٢٤ / ١٣٤٥ تارة ، وأُخرى في ٢ : ٣٦٠ / ١٤٩٢ وعقّبها هناك بقوله : فإنه خبر شاذ لا يعارض به الأخبار التي ذكرناها ها هنا وفيما مضى من كتاب الطهارة.
(٢) التذكرة ٢ : ٤٩٠.
(٣) الخلاف ١ : ٤٧٩ ذيل مسألة ٢٢١.
(٤) قال ابن قدامة الحنبلي في المغني ١ : ٧٥١ الصحيح أن مسألة الجهل بالنجاسة ونسيانها