بعضهم حيث قال : فما عن الشيخ في بعض أقواله من القول بعدم الإعادة مطلقاً ضعيف جدّاً ، مع أنه غير ثابت عنه بل الثابت خلافه (١). هذا ومما يبعّد تلك النسبة ما قدمنا نقله من تصريح الشيخ بشذوذ صحيحة العلاء ومعه كيف يعتمد عليها في الحكم بعدم وجوب الإعادة في المسألة. وأما الأخبار النافية للإعادة عمّن نسي الاستنجاء فقد عرفت أنها معارضة في نفس موردها ، مضافاً إلى معارضتها مع الأخبار الآمرة بالإعادة على ناسي النجاسة فلا دليل يعتمد الشيخ عليه في الحكم بعدم وجوب الإعادة في المسألة.
وأمّا القضاء فقد تقدم أن المشهور عدم الفرق في وجوب الإعادة بين الوقت وخارجه. وعن جماعة عدم وجوبها في خارجه ، ولعل الوجه فيه أن المتيقن مما دلّ على عدم وجوب الإعادة على ناسي النجاسة إنما هو عدم وجوبها خارج الوقت ، كما أن المتيقن مما دلّ على وجوبها إنما هو وجوبها في الوقت فنرفع اليد عن ظاهر كل من الطائفتين بنص الطائفة الأُخرى ، لأنه مقتضى الجمع العرفي بين المتعارضين ، والنتيجة وجوب الإعادة في الوقت وعدم وجوبها في خارجه كما جمع بعضهم بذلك بين الأخبار الواردة في بطلان بيع العذرة وأن ثمنها سحت ، وبين الأخبار الواردة في صحته وأنه لا بأس بثمن العذرة (٢) بدعوى أن المتيقن من العذرة في الأخبار المانعة عذرة ما لا يؤكل لحمه والمتيقن منها في الأخبار المجوّزة عذرة ما يؤكل لحمه ، والجمع العرفي بينهما يقتضي حمل الظاهر من كل منهما على نصّ الآخر ونتيجته جواز بيع العذرة مما يؤكل لحمه وعدم جوازه مما لا يؤكل لحمه.
ويدفعه : أنّ الجمع بذلك جمع تبرعي صرف وليس من الجمع العرفي في شيء ، لأنه إنما يصح فيما إذا كان هناك لفظان كان أحدهما ظاهراً في شيء والآخر في شيء آخر فيكون النص من كل منهما قرينة على إرادة خلاف الظاهر من الآخر ، وأما مع الاتحاد في اللّفظ والدلالة في كلتا الطائفتين فلا مساغ لذلك ، حيث إن المتبع هو الظهور
__________________
(١) الجواهر ٦ : ٢١٧.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ٢ ، ٣.