والمفروض أنهما ظاهرتان في شيء واحد لوحدة اللفظ والدلالة وإنما تختلفان في الحكم ، فهما من المتعارضين ولا يأتي فيهما الجمع العرفي بحمل إحداهما على شيء والأُخرى على شيء آخر ، وعليه فالصحيح ما سلكه المشهور من أن الإعادة لا فرق في وجوبها بين الوقت وخارجه لإطلاقات الأخبار المتقدمة هذا.
على أنّ حسنة محمد بن مسلم المتقدِّمة (١) صريحة الدلالة على وجوب القضاء في المسألة حيث ورد في ذيلها « وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه » فان ظاهر « صلاة كثيرة » هي الفرائض الكثيرة دون النوافل المتعددة وقد دلت على وجوب إعادتها عند تذكر النجاسة بعد مضي وقتها. ونظيرها رواية علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل احتجم فأصاب ثوبه دم فلم يعلم به حتى إذا كان من الغد كيف يصنع؟ قال : إن كان رآه فلم يغسله فليقض جميع ما فاته على قدر ما كان يصلي ولا ينقص منه شيء وإن كان رآه وقد صلّى فليعتد بتلك الصلاة ثم ليغسله » (٢) هذا.
وربما يستدل على التفصيل بين الوقت وخارجه بما عن علي بن مهزيار قال : « كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره أنه بال في ظلمة الليل وأنه أصاب كفه برد نقطة من البول لم يشك أنه أصابه ولم يره ، وأنه مسحه بخرقة ثم نسي أن يغسله وتمسح بدهن فمسح به كفيه ووجهه ورأسه ثم توضأ وضوء الصلاة فصلّى؟ فأجابه بجواب قرأته بخطِّه : أما ما توهّمت مما أصاب يدك فليس بشيء إلاّ ما تحقّق ، فان حقّقت ذلك كنت حقيقاً أن تعيد الصلوات اللواتي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهن في وقتها ، وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها من قِبَل أن الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلاّ ما كان في وقت ، وإذا كان جنباً أو صلّى على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته ، لأن الثوب خلاف الجسد ، فاعمل على ذلك إن شاء الله » (٣) فإنها كما ترى صريحة في التفصيل بين الوقت وخارجه لقوله ( عليه
__________________
(١) في ص ٣٣٦.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ١٠.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٧٩ / أبواب النجاسات ب ٤٢ ح ١.