السلام ) : « إن الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلاّ ما كان في وقت » ومعناه أنه لا يعيد الصلاة في غير وقتها.
وقد نوقش في الاستدلال بهذه الرواية باضطراب متنها وإجمال عبائرها ، وقد شهد باجمالها المحدث الكاشاني قدسسره حيث حكي عنه : أن الرواية يشبه أن يكون قد وقع فيه غلط من النسّاخ ، ومع إجمال الرواية لا يمكن أن تنهض حجّة لإثبات حكم شرعي (١).
ولا يخفى ما في هذه المناقشة أما أولاً : فلأجل أن إجمال جملة من جملات الرواية واضطراب بعضها من حيث الدلالة لا يكاد يسري إلى جملاتها الصريحة بوجه ، فالقاعدة أن يؤخذ بصريحها وتطرح مجملاتها ومتشابهاتها ، وقوله : « لم يعد الصلاة إلاّ ما كان في وقت » لا نرى فيه أي إجمال أو اضطراب فلا إجمال في دلالته. وأما ثانياً : فلما قدّمناه في بحث تنجيس المتنجس من أن الرواية غير مجملة ولا أنها مضطربة المتن في شيء (٢). نعم ، هي من جملة الأدلة القائمة على عدم تنجيس المتنجس وبذلك يرتفع الاضطراب المتوهم عن الحديث ، فان الوجه في قوله : « أن تعيد الصلوات اللواتي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه » إنما هو نجاسة بدنه أعني كفه ، لا بطلان وضوئه فإنه بناء على عدم تنجيس المتنجس محكوم بصحته ، حيث إن كفه المتنجسة التي يبست بالتمسح بالخرقة لا تنجس ما يلاقيها من الماء أو غيره ومع طهارة الماء يحكم بصحة الوضوء وإن كان بعض أعضائه وهو كفه متنجساً ، حيث لا دليل على اعتبار طهارة الأعضاء في الوضوء إلاّ من جهة عدم سراية النجاسة إلى الماء ، ومع البناء على عدم تنجيس المتنجس يبقى ماء الوضوء وسائر أعضائه على طهارته ، فنجاسة الكف لا تكون مانعة عن صحّة الوضوء ، فبطلان الصلوات حينئذ مستند إلى نجاسة بدنه وكفّه ، والمكلف حينما توضأ وإن كان غسلها لا محالة إلاّ أن النجاسة المفروضة في الرواية لما كانت هي نجاسة البول وهي تحتاج إلى غسلها مرتين بالماء القليل لم يكف
__________________
(١) الوافي ٦ : ١٥٣.
(٢) تقدّم في ص ٢٢٨.