عبد الحميد بن سالم العطار أبو جعفر روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليهالسلام وكان ثقة من أصحابنا الكوفيين » (١). وهذه العبارة وإن صدرت منه عند ترجمة محمد بن عبد الحميد إلاّ أن ظاهر الضمير في قوله « كان ثقة » أنه راجع إلى أبيه وهو عبد الحميد لا إلى ابنه ، ولو لم يكن الضمير ظاهراً في ذلك فلا أقل من إجماله فلا يثبت بذلك وثاقة الرجل ، وبهذا تسقط الرواية عن الاعتبار وتبقى الصحاح المتقدمة الدالة على وجوب الصلاة في الثوب المتنجس من غير معارض ، هذا.
ثم لو سلّمنا المعارضة بين الطائفتين فقد يتوهم أن هناك شاهد جمع بين الطائفتين وهو رواية محمد الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس معه ثوب غيره؟ قال : يصلي فيه إذا اضطرّ إليه » (٢) بدعوى أنها تقتضي حمل الصحاح المتقدمة على صورة الاضطرار إلى لبس الثوب المتنجس ، وحمل الطائفة المانعة على صورة التمكن من نزعه.
وهذا الجمع وإن كان لا بأس به صورة إلاّ أنه بحسب الواقع لا يرجع إلى محصل صحيح أمّا أوّلاً : فلأن الرواية ضعيفة من جهة القاسم بن محمد. وأمّا ثانياً : فلأنه لم يثبت أنّ الاضطرار في الرواية أُريد به الاضطرار إلى لبس المتنجس ، لاحتمال أن يراد به الاضطرار إلى الصلاة في الثوب لما قد ارتكز في أذهان المتشرعة من عدم جواز إيقاع الصلاة من دون ثوب ، فهو مضطر إلى الصلاة فيه لوجوبها كذلك بالارتكاز فاضطراره مستند إلى وجوب الصلاة لا أنه مضطر إلى لبسه ، وبما أنه لم يفرض في الرواية عدم تمكن المكلّف من الغسل ، فلا محالة يتمكن من الصلاة في الثوب الطاهر بغسله ولا يكون مضطراً إلى إيقاع الصلاة في الثوب المتنجس.
وأمّا ثالثاً : فلأن الاضطرار لو سلمنا أنه بمعنى الاضطرار إلى لبس المتنجس لا يمكننا حمل الصحاح المتقدمة على صورة الاضطرار ، لأن فيها روايتين صريحتين في عدم إرادتها ، إحداهما : صحيحة علي بن جعفر قال : « سألته عن رجل عريان
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٣٩ / ٩٠٦.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٨٥ / أبواب النجاسات ب ٤٥ ح ٧.