وحضرت الصلاة ... إلى أن قال يصلِّي عرياناً » لأنها صريحة في عدم اضطرار الرجل إلى لبس الثوب المتنجس ، وثانيتهما : صحيحة الحلبي سأل أبا عبد الله عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله لأنها فرضت أن الرجل غير قادر على غسله فلا بد من قدرته على نزعه وإلاّ لكان الأولى والأنسب أن يقول : ولا يقدر على نزعه ، فهي أيضاً صريحة في عدم الاضطرار إلى لبس المتنجس وإن كانت في الصراحة دون الصحيحة المتقدمة. ونظيرها صحيحة عبد الرحمن فليراجع.
وأمّا ما عن الشيخ قدسسره من الجمع بين الطائفتين بحمل الصلاة في الصحاح المتقدِّمة على صلاة الجنائز (١) ، وحمل الدم في صحيحة علي بن جعفر على الدم المعفو عنه (٢) فيدفعه : أنه على خلاف ظواهر الصحاح فلا موجب للمصير إليه وعليه فالطائفتان متعارضتان ، بل من أظهر موارد المعارضة فلا مناص من علاجها. وقد مر أن للطائفة الأُولى مرجحاً داخلياً وهو صحتها وكونها أكثر عدداً ، وللثانية مرجحاً خارجياً وهو عمل الأصحاب على طبقها إلاّ أنهما غير صالحين للمرجحية. أما عمل الأصحاب على طبق الرواية فلوضوح أن عملهم ليس من مرجحات المتعارضين على ما قرّرناه في محلِّه (٣) ولا سيما في المقام حيث إنهم كما عملوا بالطائفة الثانية كذلك عملوا بالطائفة المتقدمة ، غاية الأمر أن العامل بالثانية أكثر من العامل بالسابقة. وأما صحة الرواية وأكثريتها عدداً فلأن الطائفة الثانية بعد البناء على اعتبارها حجة معتبرة فهي والطائفة السابقة متساويتان فلا اعتبار بوصف الصحة ولا بكثرة أحدهما عدداً.
فالصحيح في وجه المعالجة أن يقال : إن لكل من الطائفتين نصاً وظهوراً ، ومقتضى الجمع العرفي بينهما أن نرفع اليد عن ظاهر كل منهما بنص الأُخرى على ما هو الضابط الكلي في علاج المعارضة بين الدليلين ، حيث يقدم ما هو أقوى دلالة على الآخر فالأظهر يتقدّم على الظاهر والنص يتقدّم على الأظهر وهذا جمع عرفي لا تصل معه
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٢٤ ذيل الحديث ٨٨٥.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٢٤ ذيل الحديث ٨٨٦.
(٣) مصباح الأُصول ٣ : ٤١٢.