الصلاة وشرائطها. فعلى ذلك لا مجال فيما نحن فيه لدعوى ابني إدريس (١) وسعيد (٢) تعيّن الصلاة عارياً نظراً إلى أنّ تكرارها يوجب الإخلال ببعض القيود المعتبرة في المأمور به.
هذا كلّه إذا قلنا إن حرمة الصلاة في المتنجس تشريعية كما هو الصحيح لأن النهي الوارد عن الصلاة فيه إرشاد إلى مانعية النجس وليس نهياً مولوياً ، وعليه فالصلاة في الثوب أو البدن المتنجسين إنما يحرم إذا أتى بها المكلف بقصد أمرها ومضيفاً لها إلى الله لأنه تشريع محرم ، والتشريع لا يتحقق باتيانهما رجاء ومن باب الاحتياط. وأما إذا بنينا على أن الصلاة في النجس محرمة بالذات نظير سائر المحرمات المولوية فهل يجب أن يكرر الصلاة تحصيلاً لموافقة الأمر بالصلاة في الثوب الطاهر وإن استلزم المخالفة القطعية للنهي عن الصلاة في الثوب المتنجس أو تجب عليه الصلاة عرياناً تحصيلاً لموافقة النهي عن الصلاة في النجس وإن استلزم العلم بمخالفة الأمر بالصلاة في الثوب الطاهر أو يصلِّي في أحد المشتبهين مخيراً لأنه موافقة احتمالية من جهة ومخالفة احتمالية من جهة؟
يمكن أن يقال : للمكلف علمان إجماليان في المقام : أحدهما العلم بطهارة أحد الثوبين وثانيهما العلم بنجاسة أحدهما ، والموافقة القطعية للعلم الإجمالي بطهارة أحدهما يتوقف على تكرار الصلاة فيهما ، كما أن الموافقة القطعية للعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما تتوقف على أن لا يصلِّي في شيء من المشتبهين ، وحيث إن المكلّف غير متمكِّن من إحراز الموافقة القطعية لكليهما فلا محالة تقع المزاحمة بين التكليفين في مقام الامتثال وحينئذ لا بدّ من العمل بما هو الأهم منهما إن كان وإلاّ يتخيّر بينهما لا محالة ، فإذا فرضنا أن حرمة الصلاة في النجس أهم بحيث لم يرض الشارع بمخالفتها ولو على نحو الاحتمال يتعين القول بوجوب الصلاة عارياً تحصيلاً لموافقة النهي عن الصلاة في النجس ، وهو وإن استلزم العلم بمخالفة الأمر بالصلاة في الثوب الطاهر إلاّ
__________________
(١) السرائر ١ : ١٨٤ ١٨٥.
(٢) الجامع للشرائع : ٢٤.