أنّ أهمية الحرمة توجب سقوط اشتراط الصلاة بطهارة اللباس فتجب الصلاة عارياً ولا يجوز تكرارها في المشتبهين لاستلزامه مخالفة النهي عن الصلاة في النجس ، ولا يصلِّي في أحدهما مخيراً لئلا تلزم المخالفة الاحتمالية لعدم رضا الشارع بمخالفة الحرمة ولو على نحو الاحتمال. وإذا فرض أن وجوب الصلاة في الثوب الطاهر أهم فلا بد من تكرارها في المشتبهين تحصيلاً للموافقة القطعية للأمر بالصلاة في الثوب الطاهر وليس له أن يصلي عارياً لاستلزامه المخالفة للواجب الأهم ، ولا أن يصلي في أحدهما دون الآخر للزوم المخالفة الاحتمالية ولا يرضى الشارع بمخالفة الواجب ولو على نحو الاحتمال. وأما إذا لم تحرز أهمية أحدهما عن الآخر وكان الحكمان متساويين من جميع الجهات فلا بد من الحكم بالتخيير بينهما هذا.
ولكن الصحيح أن الواجب لو قلنا بحرمة الصلاة في النجس ذاتاً هو الصلاة عارياً دون تكرارها ولا الصلاة في أحد المشتبهين ، وذلك للعلم الخارجي بأن الأجزاء والشرائط المعتبرة في الصلاة لا تزاحم شيئاً من المحرمات والواجبات ، حيث إن لها مراتب متعددة ومع العجز عما هو الواجب في حق المكلف المختار يتنزل إلى ما دونه من المراتب النازلة ، وسرّه أن القدرة المعتبرة في الأجزاء والقيود قدرة شرعية ، فمع توقف إحراز شيء منهما على ترك الواجب أو مخالفة الحرام يسقط عن الوجوب لعدم تمكن المكلف منه شرعاً ، فيتنزل إلى الصلاة فاقدة الشرط أو الجزء فلا مساغ لارتكاب المحرم أو ترك الواجب مقدمة لإتيان شيء من القيود المعتبرة في الصلاة ومن هنا لو علمنا بغصبية أحد الثوبين أو بكونه حريراً لا يمكن الحكم بوجوب الصلاة في كليهما لتحصيل الموافقة القطعية للأمر بالصلاة ، كما لا يمكن الحكم بالتخيير بينهما ، وعليه ففي المقام لا مساغ للحكم بوجوب الصلاة في كلا المشتبهين تحصيلاً لليقين بإتيان الصلاة في الثوب الطاهر ، بل تسقط شرطية التستر حينئذ وتصل النوبة إلى المرتبة الدانية وهي الصلاة فاقدة للتستر هذا.
وإن شئت قلت : إن القدرة المعتبرة في الصلاة في الثوب الطاهر شرعية ، والقدرة المأخوذة في ترك المحرم كالصلاة في النجس عقلية ، وعند تزاحم التكليفين المشروط أحدهما بالقدرة الشرعية يتقدّم ما هو المشروط بالقدرة العقلية على غيره