قلنسوة من شعر الكلب وهو حي أو من شعر خنزير أو مشرك كذلك فإنه من أجزاء نجس العين وليس من الميتة في شيء لأنه من الحي ، بل لو فرضنا أن الحيوان قد مات أيضاً لا يكون شعره من الميتة لما قدّمناه سابقاً من أن الموت إنما يعرض على ما تحلّه الحياة فإذا انقضت حياته يقال إنه ميتة ، وأما ما لا تحلّه الحياة فهو لا يتصف بالموت بوجه فلا تعرضه نجاسته وإن كان نجساً بالذات ، فكونه مانعاً عن الصلاة إنما هو لكونه مما لا يؤكل لحمه ومن النجاسات الذاتية لا لأجل كونه ميتة ، فتعليل عدم جواز الصلاة في أجزاء نجس العين بأنه ميتة تعليل عليل.
فلا مناص من مراجعة الأخبار لنرى أنها تدل على العفو عما لا تتم فيه الصلاة ولو كان من أجزاء نجس العين أو لا تدل؟ وقد مرّ أن عمدة الأخبار الواردة في المسألة موثقة زرارة وهي إنما دلت على العفو عن النجاسة العرضية لقوله عليهالسلام : « فلا بأس بأن يكون عليه الشيء » ولا دلالة لها على العفو عن النجاسة الذاتية فيما لا تتم فيه الصلاة ، فعموم مانعية النجس في الصلاة محكّم وهو يقضي ببطلان الصلاة في أجزاء نجس العين ولو كان مما لا تتم فيه الصلاة هذا.
على أن الكلب والخنزير مما لا يؤكل لحمه وهو بنفسه جهة مستقلة في المانعية عن الصلاة على ما نطقت به موثقة ابن بكير المتقدِّمة (١) ومن هنا ظهر أنّ موثقة زرارة ولو كانت شاملة لكل من النجاسة الذاتية والعرضية كما إذا كانت الرواية هكذا : كل ما كان لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بأن يكون نجساً أيضاً لم يكن الاعتماد عليها ، لمعارضتها بموثقة ابن بكير ، وحيث إن دلالة الثانية بالعموم لاشتمالها على أداة العموم في قوله : « في كل شيء منه » فلا محالة تتقدم على موثقة زرارة لأن دلالتها بالإطلاق ، أو لو كانت دلالتها أيضاً بالعموم كما هو كذلك لاشتمالها على قوله « كل ما كان » فلا محالة يتساقطان فيرجع إلى عموم ما دلّ على المنع عن الصلاة في النجس ولا تصل النوبة معها إلى البراءة بوجه.
بقي شيء وهو أن الموثقة كما أنها ناظرة إلى عموم مانعية النجس في الصلاة حيث
__________________
(١) في ص ٤١٠.