الذي هو من أحد حكّامهم وقضاتهم المعاصرين لأبي عبد الله عليهالسلام ممن يرى طهارتها.
على أنّا مهما شككنا في شيء فلا نشك في أن امراءهم وسلاطينهم كانوا يشربون الخمر ولا يجتنبونه ، وعليه فأخبار الطهارة موافقة للعامة عملاً فتتقدم أخبار النجاسة عليها. وعلى الجملة أن أخبار النجاسة مخالفة للعامة من حيث عملهم كما أن أخبار الطهارة مخالفة لهم من حيث حكمهم.
فاذن لا يمكننا علاج المعارضة بشيء من المرجحين ، فلو كنّا نحن ومقتضى الصناعة العلمية لحكمنا بطهارة الخمر لا محالة ، وذلك لأنّا إن نفينا المعارضة بين الطائفتين نظراً إلى أن إحداهما صريحة في مدلولها والأُخرى ظاهرة ، فمقتضى الجمع العرفي بينهما تقديم روايات الطهارة على أخبار النجاسة لصراحتها في طهارة الخمر ونفي البأس عن الصلاة في ثوب أصابته خمر بحمل أخبار النجاسة على الاستحباب لكونها ظاهرة في نجاستها كما في أمره عليهالسلام بغسل الثوب الذي أصابته خمر أو إهراق المائع الذي قطرت فيه قطرة منها ، فنرفع اليد عن ظهورها في الإرشاد إلى نجاسة الخمر بصراحة أخبار الطهارة في طهارتها فتحمل على الاستحباب لا محالة فلا مناص من الحكم بطهارة الخمر.
وإن أثبتنا التعارض بينهما وقلنا إن المقام ليس من موارد الجمع العرفي بين المتعارضين لما حررناه في محله من أن مورد الجمع العرفي بحمل الظاهر من المتقابلين على نصهما ، إنما هو ما إذا كان المتعارضان على نحو إذا ألقيناهما على أهل العرف لم يتحيروا بينهما بل رأوا أحدهما قرينة على التصرف في الآخر ، وليس الأمر كذلك في المقام ، لأنّ أمره عليهالسلام بالإراقة والإهراق إذا انضمّ إليه نفيه ( عليهالسلام )
__________________
القارئ ج ٥ ص ٦٠٦ والكاساني الحنفي في بدائع الصنائع ج ٥ ص ١١٣. نعم ، قال النووي في المجموع ج ٢ ص ٥٦٣ انه لا يظهر من الآية دلالة ظاهرة على نجاسة الخمر إلى أن قال : وأقرب ما يقال فيها ما ذكره الغزالي من أنه يحكم بنجاستها تغليظاً وزجراً قياساً على الكلب وما ولغ فيه.