وإن كانت واردة في القطعة المبانة من الحي ، إلاّ أنه إذا ثبت وجوب الغسل بالمس في الحي ثبت في مسّ القطعة المبانة من الميِّت بطريق أولى ، وحيث إن بين وجوب الغسل بمس ما فيه العظم ووجوب تغسيله ملازمة فتدل الرواية على أن القطعة المبانة من الميِّت المشتملة على العظم لا بدّ من تغسيلها.
ويرد عليه : أن الرواية مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها. على أنها إنما وردت في الحي وتعدينا إلى الميِّت بالأولوية ، ومن الظاهر أن الأصحاب لم يلتزموا بوجوب التغسيل في القطعة المبانة من الحي إذا كانت مشتملة على العظم كالإصبع فمن أين نثبت ذلك في الميِّت بالأولوية. فالاستدلال بها لو كان تاماً فهو في وجوب الغسل بالمس وحسب ، هذا.
على أنه لا ملازمة بين وجوب الغسل بالمس ووجوب التغسيل كما في مسّ بدن الناصب ومن في حكمه من الكفار وغيره ، فإنه يوجب غسل المسّ ولا يجب تغسيله وذلك لأن التغسيل إنما يجب في الميِّت المسلم لا في المحكومين بالكفر وهو ظاهر.
وأما الاستدلال بالإجماع ، فالإنصاف أن دعوى الإجماع على وجوب الدفن في اللحم والعظم والصّدر ، لأن حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً ، غير بعيدة ، وأما التغسيل والتكفين والصلاة عليه ، فإن أُريد من الإجماع ، الإجماع المنقول فهو موجود وقد نقل في المسألة إلاّ أنّا لا نعتمد على الإجماعات المنقولة بوجه.
وإن أُريد منه الإجماع المحصل التعبدي الكاشف عن قول المعصوم عليهالسلام فهو مما لا نحتمله فضلاً عن حصول الاطمئنان به ، وذلك لأن أكثر الأصحاب عبّروا بالقطعة المشتملة على الصّدر ولم يعبّروا بالصدر في دعوى الإجماع على وجوب التغسيل والتكفين. وعبّر المحقق قدسسره بالصدر واليدين (١) والمظنون أنه قدسسره تبع رواية الفضيل بن عثمان الأعور المتقدِّمة ، ولعلّ مرادهم ما إذا كانت القطعة
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣١٦ ( وعبّر بما فيه القلب أو الصّدر واليدان أو عظام الميّت ) ، الشرائع ١ : ٤٤ ( وعبّر بما فيه الصّدر أو الصّدر وحده ).