وذكر أن المستحاضة إذا ثقب دمها الكرسف يجب عليها الغسل لكل صلاة أو لكل صلاتين إذا جمعت بينهما ، وأمّا إذا لم يثقب الكرسف فلا غسل عليها ولا وضوء وأنه ليس من الأحداث ، فلو كانت متطهرة قبل خروج ذلك الدم فطهارتها لا ترتفع بذلك.
وذهب ابن الجنيد إلى أن الاستحاضة القليلة التي لا تثقب الكرسف توجب غسلاً واحداً في اليوم والليلة ، والاستحاضة الموجبة لثقب الكرسف يجب لها الغسل لكل صلاة أو صلاتين إذا جمعت بينهما.
فابن أبي عقيل وابن الجنيد اختلفا في المستحاضة بالقليلة ، حيث أوجب الثاني فيها الغسل ولم يوجب الأول فيها غسلاً ولا وضوء ، واتفقا على أن الاستحاضة منحصرة في القسمين : الكثيرة والقليلة ، ولا متوسطة فيهما.
أمّا ما ذهب إليه ابن أبي عقيل فكأنه من جهة حمل الأوامر الواردة في الأخبار بتوضؤ المستحاضة القليلة على التوضؤ من جهة سائر الأحداث كما في غير المستحاضة ، وناظر إلى نفي وجوب الغسل عنها ، لا أنها تثبت عليها حكماً زائداً على بقية المحدثين.
والصحيح ما ذهب إليه المشهور من أن الاستحاضة القليلة توجب الوضوء لكل صلاة ، وذلك للأخبار الدالة على ذلك ، ومنها صحيحة الصحّاف المتقدمة حيث ورد فيها : « فإن انقطع عنها الدم قبل ذلك فلتغتسل ولتصل ، وإن لم ينقطع الدم عنها إلاّ بعد ما تمضي الأيام التي ترى الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ثم تحتشي وتستذفر وتصلِّي الظهر والعصر ، ثم لتنظر فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها ، فإن طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل » الحديث (١).
فإنّها مضافاً إلى اشتمالها على كلمة « الفاء » في صدرها « فإن ذلك ليس من الرحم
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٤ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٧.