الروايات الصحيحة المتضافرة على وجوبه بالسنة مختلفة ، ففي بعضها : « ولكن إذا مسّه بعد ما يبرد فليغتسل » (١) وفي أُخرى : « إذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل » (٢) وفي ثالثة : « فإذا برد فعليه الغسل » (٣) وفي رابعة : « إذا أصاب يدك جسد الميِّت قبل أن يغسّل فقد يجب عليك الغسل » (٤) إلى غير ذلك من الأخبار الصريحة في الوجوب.
ومع ذلك حكي عن السبزواري في الذخيرة قوله بعد نقل جملة من الروايات : ولا يخفى أنّ الأمر وما في معناه في أخبارنا غير واضح الدلالة على الوجوب ، فالاستناد إلى هذه الأخبار في إثبات الوجوب لا يخلو عن إشكال (٥).
وتعبيره بلا يخفى يدل على أن عدم دلالة الأخبار على الوجوب كأنه من الأُمور الواضحة ، مع أنّ الأخبار كما عرفت مصرحة بالوجوب بمختلف أنحاء صيغ الوجوب وقلّ مسألة ترد فيها النصوص المصرحة بالوجوب مثل المقام ، فما الّذي دعاه إلى الإشكال والاستشكال في دلالتها والله العالم به ، وهذا منه قدسسره على دقته وتحقيقه غريب ، هذا.
ونسب إلى السيِّد المرتضى قدسسره استحباب الغسل من مسّ الميِّت (٦) واستدلّ غيره له بوجوه :
الوجوه المستدل بها على استحباب غسل المسّ
منها : أنّه ذكر في سياق جملة من المندوبات وأنّه « اغتسل للفطر والأضحى والجمعة
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٢٨٩ / أبواب غسل المسّ ب ١ ح ١.
(٢) الوسائل ٣ : ٢٩٠ / أبواب غسل المسّ ب ١ ح ٣.
(٣) الوسائل ٣ : ٢٩٠ / أبواب غسل المسّ ب ١ ح ٤.
(٤) الوسائل ٣ : ٢٩٠ / أبواب غسل المسّ ب ١ ح ٥ وغيرها من روايات الباب.
(٥) حكاه عنه في الحدائق ٣ : ٣٣٠ / في غسل المسّ وراجع الذخيرة : ٩١ السطر ٣٠ / الأمر الأوّل غسل المسّ.
(٦) نسبه إليه في الذخيرة : ٩١ وراجع جمل العلم والعمل : ٢٥.