الثاني : انتفاء القدرة وعجز المكلف عن امتثاله ، ومعه لا محالة يسقط التكليف ، بداهة استحالة توجيهه نحو العاجز ، ومن المعلوم أنّ المسقط فيما نحن فيه ليس هو الأوّل على الفرض ، بل المسقط له إنّما هو الثاني كما هو المفروض ، باعتبار أنّ المكلف إن أعمل قدرته في امتثال الواجب الفعلي عجز عن امتثال الواجب المتأخر في ظرفه ، فينتفي بانتفاء موضوعه ـ وهو القدرة ـ وإن حفظ قدرته على امتثال المتأخر عجز عن امتثال المتقدم لا محالة ، ضرورة أنّ القدرة الواحدة لا تفي لامتثال كليهما معاً ، ومثال ذلك : ما إذا توقف امتثال واجب على ارتكاب محرّم كالتصرّف في مال الغير مثلاً ، فانّه إن صرف قدرته في ترك الحرام عجز عن امتثال الواجب في ظرفه كانقاذ الغريق مثلاً أو نحوه ، وإن حفظ قدرته لامتثاله في ظرفه بارتكاب الحرام عجز عن تركه ، ومن الواضح أنّ مع العجز عنه تسقط حرمته لا محالة ، ولا يفرق في سقوط حرمته بين أن يمتثل المكلف الواجب المتأخر خارجاً أم لا ، ضرورة أنّ المسقط للتكليف بالمتقدم ليس هو امتثال المتأخر في الخارج ، بل المسقط له في الحقيقة ـ كما عرفت ـ عدم تمكن المكلف من امتثاله.
وعليه فما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره ـ من أنّ سقوط كل من التكليفين المتزاحمين لايكون إلاّبامتثال الآخر ، وحيث إنّ امتثال التكليف بالمتأخر متأخر خارجاً فلا يعقل أن يكون مسقطاً للتكليف بالمتقدم ـ لا يرجع إلى معنىً صحيح ، لما عرفت من أنّ المسقط له ليس هو امتثال التكليف بالمتأخر ليقال إنّه حيث لا يكون في عرضه فلا يكون مسقطاً له ، بل المسقط له ما مرّ وهو عدم تمكن المكلف من امتثاله.
فالنتيجة لحدّ الآن قد أصبحت : أنّه لا فرق في نظر العقل بين أن يكون المتزاحمان المتساويان عرضيين أو طوليين ، إذ أنّه على كلا التقديرين يستقل