بعضها الآخر ، لفرض أنّ هذه الأوامر عين الأمر النفسي ، غاية الأمر العقل يحلله إلى أوامر متعددة ضمنية ، ويجعله حصة حصة ، فتتعلق بكل جزء من أجزاء متعلقه حصة منه ، ومن الواضح جداً أنّه لا يعقل بقاء تلك الحصة بدون بقاء الأمر النفسي ولا سقوطها بدون سقوطه ، وهذا معنى ارتباطية تلك الأجزاء بعضها ببعضها الآخر ثبوتاً وسقوطاً في الواقع ونفس الأمر.
فالنتيجة على ضوء هذه الجوانب الثلاثة : هي أنّ في الفروع المزبورة أو ما شاكلها لا يعقل أن يكون التزاحم بين أمرين نفسيين ، ضرورة أنّه ليس فيها إلاّ أمر نفسي واحد متعلق بالمجموع المركب. وكذا لا يعقل أن يكون التزاحم بين أمرين إرشاديين ، لما عرفت من أنّه لا شأن للأمر الارشادي ما عدا الارشاد إلى الجزئية أو الشرطية ، ولذا لا تجب موافقته ولا تحرم مخالفته بحكم العقل. ومن المعلوم أنّ المزاحمة إنّما تعقل بين أمرين يقتضي كل منهما امتثاله والاتيان بمتعلقه خارجاً لتقع المزاحمة بينهما في مقام الامتثال والاطاعة ، والمفروض أنّه لا اقتضاء للأمر الارشادي بالاضافة إلى ذلك أصلاً لتعقل المزاحمة بينهما.
والذي يمكن أن يتوهم في أمثال هذه المقامات هو وقوع المزاحمة بين أمرين ضمنيين ، ببيان أنّ كلاً منهما يقتضي الاتيان بمتعلقه ، فعندئذ لو كان المكلف قادراً على امتثال كليهما والاتيان بمتعلقيهما خارجاً فلا مزاحمة في البين أصلاً.
وأمّا إذا فرضنا أنّه لا يقدر إلاّعلى امتثال أحدهما دون الآخر ، فلا محالة تقع المزاحمة بينهما ، كما إذا دار الأمر بين ترك القيام في الصلاة مثلاً وترك الركوع فيها ، أو بين ترك القيام في حال التكبيرة وتركه في حال القراءة ، أو بين ترك الطهارة الحدثية وترك الطهارة الخبثية وما شابه ذلك ، ففي أمثال هذه الموارد التي لا يكون المكلف قادراً على الجمع بينهما في الخارج لا محالة تقع المزاحمة بين الأمر الضمني المتعلق بالقيام والأمر الضمني المتعلق بالركوع ، أو الأمر