والوجه في ذلك واضح ، وهو أنّ الدليل اللبي كالاجماع أو نحوه حيث إنّه لا عموم ولا إطلاق له ، فلا بدّ فيه من الاقتصار على القدر المتيقن ، وهو غير مورد المعارضة مع الدليل اللفظي ، فلا نعلم بتحققه في هذا المورد ، وذلك كما إذا دار الأمر بين القيام مثلاً في الصلاة والاستقرار فيها ، فانّ الدليل على اعتبار الاستقرار لبي وهو الاجماع ، فيجب الاقتصار فيه على المقدار المتيقن.
ونتيجته هي أنّه لا إجماع على اعتبار الاستقرار في الصلاة في هذا الحال ، والدليل على اعتبار القيام بما أنّه لفظي ، وهو قوله عليهالسلام في صحيحة أبي حمزة : « الصحيح يصلي قائماً وقعوداً ، والمريض يصلي جالساً ... » إلخ (١) وقوله عليهالسلام : في صحيحة زرارة في حديث « وقم منتصباً فانّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من لم يقم صلبه فلا صلاة له » (٢) ونحوهما من الروايات الدالة على ذلك ، فيجب الأخذ باطلاقه. ونتيجته هي وجوب الاتيان بالصلاة قائماً في هذا الحال بدون الاستقرار والطمأنينة ، لما عرفت من عدم الدليل على اعتباره في هذه الحالة.
وعلى الجملة : فإذا دار الأمر بين أن يصلي قائماً بدون الطمأنينة والاستقرار ، وأن يصلي جالساً معها ، فبما أنّ الدليل الدال على اعتبار الطمأنينة لبي ، فلا إشكال في تقديم القيام عليها ، فيحكم بوجوب الصلاة قائماً بدون الطمأنينة ، ومن هنا حكم السيِّد قدسسره في العروة (٣) بتقديم القيام عليها إذا دار الأمر بينهما ، ولعل نظره قدسسره إلى ما ذكرناه.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤٨١ / أبواب القيام ب ١ ح ١
(٢) الوسائل ٥ : ٤٨٨ / أبواب القيام ب ٢ ح ١
(٣) العروة الوثقى ١ : ٤٦٤ المسألة ١٤ [١٤٧٤]