من صغريات مسألة التعارض دون التزاحم. وعليه فلا معنى للقول بالترتب فيها أصلاً ، وإن قلنا بالجواز وتعدد المجمع ، فإن كانت هناك مندوحة وتمكّن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال فلا تزاحم بينهما أصلاً كما تقدّم ، وإن لم تكن هناك مندوحة فتقع المزاحمة بينهما لا محالة ، ولكن عندئذ يدخل هذا القسم في القسم الخامس ، ولا يكون قسماً آخر في قباله ، بل هو من أحد مصاديقه ، وسيأتي بيان كل واحد من هذه الأقسام بصورة مفصّلة إن شاء الله تعالى (١).
والغرض من التعرّض هنا الاشارة إلى عدم صحّة هذا التقسيم ، وأنّ منشأ التزاحم في جميع تلك الأقسام نقطة واحدة وهي عدم قدرة المكلف على الجمع بين متعلقي الحكمين في ظرف الامتثال والاطاعة ، كما اعترف قدسسره بذلك ، ومن الواضح أنّه لا يفرق في هذا بين أن يكون التزاحم بين واجبين متضادين من باب الاتفاق أو بين واجب وحرام ، سواء أكانا متلازمين أو كان أحدهما متوقفاً على الآخر ، فانّ الجميع بالاضافة إلى تلك النقطة على نسبة واحدة.
وأمّا ما ذكره ( قدسسره ) من أنّ التزاحم قد لا ينشأ من جهة عدم قدرة المكلف بل من جهة اخرى كالمثال المتقدم فهو غريب منه قدسسره وذلك لأنّ المثال المذكور وما شاكله داخل في باب التعارض ، وليس من باب التزاحم في شيء ، والوجه فيه : هو أنّ ما دلّ على أنّ المال الواحد لا يزكّى في السنة الواحدة مرّتين يوجب العلم الاجمالي بكذب أحد الدليلين ، أعني بهما ما دلّ على وجوب خمس شياه على من ملك النصاب الخامس ومضى عليه الحول ، وما دلّ على وجوب بنت مخاض على من ملك النصاب السادس ومضى عليه الحول ، وإن كان لا تنافي بينهما بالذات ومع قطع النظر عمّا دلّ على أنّ المال الواحد لا يزكّى مرّتين في عام واحد ، فيكون نظير ما دلّ على وجوب صلاة الجمعة في
__________________
(١) في ص ١٥٩ تذييل