تحققها إلاّمن ناحية عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مقام الاتيان والامتثال ، وعليه فلا معنى لجعله قسماً ثانياً من التزاحم في قبال القسم الأوّل ، بل هو هو بعينه.
وأمّا ما ذكره ( قدسسره ) من أنّ المضادة بين الفعلين إذا كانت دائمية فتقع المعارضة بين دليلي حكميهما ، ففي غاية الصحة والمتانة في الضدّين اللذين لا ثالث لهما كالحركة والسكون وما شاكلهما ، ضرورة أنّه لا يعقل تعلق الأمر بهما حتّى على نحو الترتب ، كما تقدّم (١).
وأمّا في الضدّين اللذين لهما ثالث كالقيام والقعود والسواد والبياض ونحوهما فالأمر ليس كما أفاده ، وذلك لأنّ المعارضة في الحقيقة ليست بين نفس دليليهما ، كما هو الحال في الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، وإنّما هي بين إطلاق كل منهما وثبوت الآخر ، وعليه فلا موجب إلاّلرفع اليد عن إطلاق كل منهما بتقييده بعدم الاتيان بمتعلق الآخر ، لوضوح أنّه لا معارضة بين أصل ثبوت الخطاب بهذا في الجملة وثبوت الخطاب بذاك كذلك ، وإنّما تكون المعارضة بين إطلاق هذا ووجود الآخر وبالعكس ، وهي لا توجب إلاّرفع اليد عن إطلاق كل منهما لا عن أصله ، فيكون إطلاق كل واحد منهما مترتباً على عدم الاتيان بالآخر.
ونتيجة ذلك : هو الالتزام بالترتب من الجانبين أو الالتزام بالوجوب التخييري ، إلاّفيما إذا علم بكذب أحدهما وعدم صدوره في الواقع ، فعندئذ تقع المعارضة بينهما ، فيرجع إلى قواعد باب التعارض.
وأمّا موارد اجتماع الأمر والنهي ، فان قلنا بالامتناع ـ إمّا لدعوى سراية النهي من متعلقه إلى متعلق الأمر ، وإمّا لدعوى أنّ التركيب بينهما اتحادي ـ فهي
__________________
(١) في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٤٦٨