فالتلازم إنّما يتّفق بينهما لخصوص أهل العراق أو ما سامته من النقاط. وأمّا إذا كان التلازم دائمياً فيدخل في باب التعارض.
وأمّا الثاني ، وهو ما إذا كان التزاحم ناشئاً من شيء آخر لا من عدم قدرة المكلف ، فقد مثّل له بما إذا كان المكلف مالكاً من الإبل بمقدار النصاب الخامس ـ وهو خمس وعشرون إبلاً ـ الذي يجب فيه خمس شياه ، ثمّ بعد مضي ستّة أشهر ملك ناقة اخرى فتحقق النصاب السادس الذي يجب فيه بنت مخاض ، وعلى هذا فمقتضى أدلة وجوب الزكاة هو وجوب خمس شياه بعد انقضاء سنة النصاب الخامس ، ووجوب بنت مخاض بعد تمامية حول النصاب السادس ، والمكلف قادر على دفع كليهما معاً ، ولم تنشأ المزاحمة من جهة عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مقام الامتثال ، بل هي ناشئة من ناحية قيام الدليل من الخارج على أنّ المال الواحد لا يزكّى في السنة الواحدة مرّتين.
وللمناقشة فيما أفاده قدسسره هنا مجال.
أمّا ما ذكره من أنّ التزاحم الناشئ من ناحية عدم قدرة المكلف فينقسم إلى خمسة أقسام فيرد عليه :
أوّلاً : أنّه لا أثر لهذا التقسيم أصلاً ، ولا تترتب عليه أيّة ثمرة ، فيكون نظير تقسيم أنّ التزاحم قد يكون بين وجوبين ، وقد يكون بين تحريمين ، وقد يكون بين وجوب وتحريم وهكذا ، فلو كان مثل هذه الاعتبارات موجباً للقسمة لازدادت الأقسام بكثير كما لا يخفى.
وثانياً : أنّ أصل تقسيمه إلى تلك الأقسام لا يخلو عن إشكال ، والوجه في ذلك : هو أنّ القسم الثاني ـ وهو ما إذا كان التزاحم ناشئاً عن التضاد بين الواجبين اتفاقاً ـ داخل في القسم الأوّل ، وهو ما إذا كان التزاحم فيه ناشئاً عن عدم القدرة اتفاقاً ، ضرورة أنّ المضادة بين فعلين من باب الاتفاق لا يمكن