ينشأ من عدم قدرة المكلف على الجمع بين الحكمين في مقام الامتثال كما هو الغالب ، وقد ينشأ من جهة اخرى غير ذلك.
أمّا الأوّل فقد قسّمه قدسسره على خمسة أقسام :
الأوّل : ما إذا كان عدم القدرة اتفاقياً كما هو الحال في التزاحم بين وجوب إنقاذ غريق وإنقاذ غريق آخر فيما إذا لم يقدر المكلف على انقاذ كليهما معاً.
الثاني : ما إذا كان التزاحم من جهة وقوع التضاد بين الواجبين اتفاقاً ، لما عرفت من أنّ التضاد بينهما إذا كان دائمياً فيقع التعارض بين دليليهما ، فتكون المصادمة عندئذ في مقام الجعل لا في مقام الامتثال والفعلية.
الثالث : موارد اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كانت هناك ماهيتان اتّحدتا في الخارج بنحو من الاتحاد ، كالصلاة والغصب مثلاً بناءً على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من الطبيعة إلى مشخصاتها ، فوقتئذ تقع المزاحمة بينهما ، وهذا بخلاف ما إذا كانت هناك ماهية واحدة كاكرام العالم الفاسق المنطبق عليه إكرام العالم المحكوم بالوجوب ، وإكرام الفاسق المحكوم بالحرمة ، فانّ مورد الاجتماع على هذا يدخل في باب التعارض دون التزاحم. وكذا إذا كانت هناك ماهيتان متعددتان بناءً على سراية الحكم من إحداهما إلى الاخرى ، وسيأتي بيان ذلك تماماً في بحث اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله تعالى.
الرابع : ما إذا كان الحرام مقدمة لواجب ، كما إذا توقف إنقاذ الغريق مثلاً أو نحوه على التصرف في مال الغير ، هذا فيما إذا لم يكن التوقف دائمياً ، وإلاّ فيدخل في باب التعارض ، كما هو واضح.
الخامس : موارد التلازم الاتفاقي فيما إذا كان أحد المتلازمين محكوماً بالوجوب والآخر محكوماً بالحرمة ، ومثال ذلك استقبال القبلة واستدبار الجدي لمن سكن في العراق وما شاكله من البلاد ، فانّه لا تلازم بينهما بالذات ،