الكلام بالكلّية ، وأنّ الأمر فيه بيد المولى ، وعليه أن يلاحظ الجهات الواقعية والملاكات النفس الأمرية الكامنة في الأفعال الاختيارية للعباد ، فيجعل الحكم على طبق ما هو الأقوى والأهم منها دون غيره ، وأمّا إذا لم يكن أحدهما أقوى من الآخر بل كانا متساويين ، فليس الحكم في هذه الصورة التخيير ، كما هو الحال في التزاحم بين الأحكام بعضها مع بعضها الآخر ، ضرورة أنّ التخيير فيها غير معقول ، فلا معنى لتخيير المولى بين جعل الحكم على طبق هذا وجعله على طبق ذاك ، فانّ جعله على طبق كليهما غير معقول ، وعلى وفق أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح ، مع أنّه بلا مقتض ، فإذن يسقطان معاً ، لأنّ الملاك المزاحم بالملاك الآخر لا أثر له أصلاً ، فعندئذ يمكن للمولى أن يجعل له الاباحة ، وكيف كان فهذا التزاحم خارج عما نحن فيه ، ولذا لا يمكن البحث عن جريان الترتب فيه وعدم جريانه ، كما أنّ في فرض التساوي بينهما ليس الحكم فيه التخيير. مع أنّه مقتضى القاعدة في التزاحم بين حكمين مجعولين ، وفي فرض عدم التساوي الترجيح يكون بيد المولى دون العبد ، وهذا بخلاف التزاحم المبحوث عنه هنا.
الثالث : التزاحم الناشئ من عدم قدرة المكلف اتفاقاً ، كما هو الحال في التزاحم بين وجوب إنقاذ غريق وإنقاذ غريق آخر ، فيما إذا لم يكن المكلف قادراً على امتثال كليهما معاً.
الرابع : التزاحم الناشئ من جهة وقوع المضادة بين الواجبين اتفاقاً ، فانّ المضادة بينهما إذا كانت دائمية فتقع المعارضة بين دليليهما ، لوقوع المصادمة عندئذ في مرحلة الجعل ، لا في مرحلة الامتثال والفعلية.
الخامس : التزاحم في موارد اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كانت هناك ماهيتان متعددتان ، ولم نقل بسراية الحكم من إحداهما إلى الاخرى ، بناءً على ما هو