استحالة تعلق القدرة بأمر متقدم منصرم زمانه ، إلاّ أنّه مقدور في ظرفه عقلاً وشرعاً. أمّا عقلاً فواضح ، وأمّا شرعاً فلفرض أنّه في نفسه أمر سائغ ومشروع ، وعليه فلا مانع من تعلق الأمر به على تقدير عصيان الأمر بالأهم في ظرفه.
وتخيّل أنّ وجوب حفظ القدرة له معجّز عن الاتيان بالمهم ، فلا يكون معه قادراً عليه شرعاً فاسد جداً ، وذلك لأنّ وجوب حفظ القدرة له لو كان مانعاً عن تعلق الأمر بالمهم وموجباً لخروجه عن القدرة ، لكان وجوب الأهم فيما إذا كان في عرض المهم أيضاً كذلك ، ضرورة أنّ الأمر بالأهم لا يسقط بمجرد عصيانه ، ولذا قلنا إنّ لازم القول بالترتب هو اجتماع الأمر بالأهم والأمر بالمهم في زمان واحد ، وعليه فاذا فرض أنّ وجوب حفظ القدرة للواجب الأهم فيما إذا كان متأخراً عن المهم زماناً مانع عن تعلق الأمر بالمهم ومعجّز عنه شرعاً ، لكان وجوب الأهم فيما إذا كان مقارناً معه زماناً أولى بالمنع والتعجيز عنه ، مع أنّه قدسسره (١) قد التزم بالترتب في هذا الفرض ، أعني ما إذا كان الواجب الأهم مقارناً مع المهم زماناً ، وبذلك نعلم أنّ الأمر بالأهم في ظرف عصيانه لا يكون مانعاً عن تعلق الأمر بالمهم ولا يوجب عجز المكلف عنه شرعاً.
والسر في ذلك واضح ، وهو أنّ الأمر بالأهم إنّما يمنع عن تعلق الأمر بالمهم إذا كان في عرضه وعلى الاطلاق ، لا فيما إذا كان في طوله وعلى نحو الترتب ، لما عرفت من عدم التنافي بين مقتضى الأمرين كذلك. وعليه فلا يكون الأمر بالأهم معجّزاً مولوياً عن الاتيان بالمهم على الشكل المزبور ، ليكون مانعاً عن تعلق الأمر به.
فما أفاده قدسسره من أنّ العمدة في القول بجواز الترتب هو كون المهم
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٥