مشروطاً بترك حفظ القدرة خارجاً ، كما أنّه لا مانع من الالتزام بكونه مشروطاً بعنوان التعقب أو العزم على العصيان.
وأمّا القسم الثاني : وهو ما إذا وقعت المزاحمة بين حرمة المقدمة ووجوب ذيها ، فقد تقدّم الكلام فيه في بحث مقدّمة الواجب بصورة مفصّلة (١) فلا حاجة إلى الاعادة فلاحظ.
وأمّا القسم الثالث : وهو ما إذا وقعت المزاحمة بين فعلين متلازمين في الخارج اتفاقاً ، كما إذا كان أحدهما محكوماً بالوجوب والآخر محكوماً بالحرمة ، كاستقبال القبلة واستدبار الجدي لمن سكن العراق وما والاه من البلاد لا مطلقاً ، فلا بدّ فيه أيضاً من الرجوع إلى قواعد ومرجحات بابها ، فإن كان أحدهما أهم من الآخر فيقدّم عليه ، وإن كانا متساويين فيحكم بالتخيير بينهما ، ولا إشكال فيه من هذه الناحية أصلاً ، وإنّما الكلام فيه من ناحية اخرى ، وهي أنّه هل يمكن الالتزام بالترتب فيه أم لا؟
فنقول : إنّه لا يمكن الالتزام به أصلاً ، والوجه في ذلك واضح ، وهو أنّه لايعقل أن تكون حرمة استدبار الجدي مشروطة بعصيان الأمر باستقبال القبلة وعدم الاتيان بمتعلقه ، ضرورة أنّ ترك استدبار الجدي في هذا الحال قهري ومعه لا معنى للنهي عنه ، فانّه لغو محض وطلب للحاصل ، فلا يصدر من الحكيم ، وكذا لا يعقل أن يكون وجوب استقبال القبلة مشروطاً بعصيان النهي عن استدبار الجدي والاتيان بمتعلقه ، بداهة أنّه ضروري الوجود عند عصيان النهي عن الاستدبار ، ومعه لا يمكن تعلق الأمر به ، لأنّه لغو وطلب للحاصل.
فالنتيجة هي أنّه لا يمكن الالتزام بالترتب في خصوص هذا الصنف من
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٢٤٧