أمّا في باب التزاحم فهي عدم قدرة المكلف على الجمع بين الحكمين المتزاحمين في مقام الامتثال بلا أيّة منافاة ومضادة بينهما في مقام الجعل أصلاً ، فالتنافي بينهما إنّما هو في مرحلة الفعلية والامتثال ، فانّ المكلف إن صرف قدرته في امتثال هذا عجز عن امتثال ذاك ، وإن عكس فبالعكس.
ويتفرع على تلك النقطة أمران :
الأوّل : اختصاص التزاحم بينهما بالاضافة إلى من كان عاجزاً عن امتثالهما معاً ، وأمّا من كان قادراً على امتثالهما فلا مزاحمة بينهما بالاضافة إليه أبداً ، فالمزاحمة في مادة العاجز دون مادة القادر ، وهذا واضح.
الثاني : أنّ انتفاء الحكم في باب المزاحمة إنّما هو بانتفاء موضوعه وهو القدرة ، لا انتفائه مع بقاء موضوعه بحاله.
وأمّا في باب التعارض فهي التنافي والتعاند بين الحكمين في مقام الجعل والثبوت ، وعدم إمكان جعل كليهما معاً ، إمّا بالذات والحقيقة ، وإمّا من ناحية العلم الاجمالي بعدم جعل أحدهما في الواقع.
ونتيجة تلك النقطة أمران :
الأوّل : عدم اختصاص التعارض بمكلف دون آخر وبزمان دون زمان ، بداهة أنّ استحالة اجتماع النقيضين أو الضدّين لا تختص بشخص دون آخر ، وبزمان دون زمان آخر ، وبحالة دون حالة اخرى ، والمفروض أنّ جعل كلا الحكمين معاً مستلزم للتناقض أو التضاد وهو محال.
الثاني : أنّ انتفاء الحكم في باب التعارض ليس بانتفاء موضوعه ، وإنّما هو بانتفاء نفسه مع ثبوت موضوعه بحاله.