الترك فينتزع العقل منه الاستحباب ، وإن لم ينصب قرينةً عليه فينتزع منه الوجوب.
وعلى ضوء هذا ، فلا يعقل القول بأنّ المرفوع بدليل الناسخ إنّما هو فصل الوجوب دون جنسه ، ضرورة أنّ الوجوب ليس مجعولاً شرعياً ليكون هو المرفوع بتمام ذاته أو بفصله ، بل المجعول إنّما هو نفس ذلك الاعتبار ، ومن الواضح جداً أنّه لا جنس ولا فصل له ، بل هو بسيط في غاية البساطة ، ولأجل ذلك فلا يتصف إلاّبالوجود مرّة وبالعدم مرّة اخرى ، ولا ثالث لهما ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ حقيقة النسخ بحسب مقام الثبوت والواقع انتهاء الحكم بانتهاء أمده ، بمعنى أنّ سعة الجعل من الأوّل ليست بأزيد من ذلك ، ومن هنا كان النسخ في الحقيقة تخصيصاً بحسب الأزمان في مقابل التخصيص بحسب الأفراد ، فلا يكون في الواقع رفع بل فيه دفع وانتهاء الحكم بانتهاء مقتضيه. نعم ، بحسب مقام الاثبات وظاهر الدليل يكون رفعاً.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي أنّ معنى النسخ انتهاء اعتبار المجعول بانتهاء أمده ، والكاشف عن ذلك في مقام الاثبات إنّما هو دليل الناسخ ، وعليه فلا موضوع للبحث عن أنّه بعد نسخ الوجوب هل يبقى الجواز بالمعنى الأعم أو الأخص أم لا ، ضرورة أنّ الوجوب والجواز بكلا معنييه ليسا من المجعولات الشرعية ليقع البحث عن أنّه إذا نسخ الوجوب هل يبقى الجواز أم لا ، بل هما أمران منتزعان بحكم العقل كما عرفت.
وقد تحصّل من هذا البيان امور :
الأوّل : أنّه لا موضوع لما اشتهر بين الأصحاب قديماً وحديثاً من أنّه إذا نسخ الوجوب هل يبقى الجواز بالمعنى الأعم أو الأخص أم لا ، لما عرفت من