الواجب الكفائي
لا يخفى أنّ الأمر الوارد من قبل الشرع كما أنّه بحاجة إلى المتعلق ، كذلك هو بحاجة إلى الموضوع ، فكما أنّه لا يمكن تحققه ووجوده بدون الأوّل ، فكذلك لا يمكن بدون الثاني ، ولا فرق في ذلك بين وجهة نظر ووجهة نظر آخر ، فانّ حقيقة الأمر سواء أكانت عبارة عن الارادة التشريعية ، أم كانت عبارة عن الطلب الانشائي كما هو المشهور ، أم كانت عبارة عن البعث والتحريك كما عن جماعة ، أم كانت عبارة عن الأمر الاعتباري النفساني المبرز في الخارج بمبرز ما من صيغة الأمر أو نحوها كما هو المختار عندنا ، على جميع هذه التقادير بحاجة إلى الموضوع كحاجته إلى المتعلق.
أمّا على الأوّل فواضح ، وذلك لأنّ الارادة لا توجد في افق النفس بدون المتعلق ، لأنّها من الصفات الحقيقية ذات الاضافة ، فلا يعقل أن توجد بدونه ، فالمتعلق إذا كان فعل نفسه فهي توجب تحريك عضلاته نحوه ، وإن كان فعل غيره فلا محالة يكون المراد منه ذلك الغير ، بمعنى أنّ المولى أراد صدور هذا الفعل منه في الخارج.
وأمّا على الثاني فأيضاً كذلك ، ضرورة أنّ الطلب كما لا يمكن وجوده بدون المطلوب ، كذلك لايمكن وجوده بدون المطلوب منه ، لأنّه في الحقيقة نسبة بينهما ، وهذا واضح.
وأمّا على الثالث ، فلأنّ البعث نحو شيء لا يمكن أن يوجد بدون بعث أحد