اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني ، ولكنّ المكلف إذا لم يأت بها إلى أن خرج الوقت ففي هذا الفرض اتّفق الفقهاء على وجوب قضائها في خارج الوقت ، مع أنّ مقتضى ما ذكرناه من أنّ استصحاب عدم الاتيان بها في الوقت لا يثبت عنوان الفوت ، عدم وجوب القضاء ، لفرض أنّ عنوان الفوت في نفسه غير محرز هنا ، واستصحاب عدم الاتيان بها في الوقت لا يجدي.
والجواب عن هذا ظاهر ، وهو أنّ الشك في المقام بما أنّه كان قبل خروج الوقت ، فلا محالة يكون مقتضى قاعدة الاشتغال والاستصحاب وجوب الاتيان بها ، وعلى ذلك فلا محالة إذا لم يأت المكلف به في الوقت فقد فوّت الواجب ، ومعه لا محالة يجب قضاؤه لتحقق موضوعه وهو عنوان الفوت ، وهذا بخلاف ما إذا شكّ المكلف في خارج الوقت أنّه أتى بالواجب في وقته أم لا ، ففي مثل ذلك لم يحرز أنّه ترك الواجب فيه ليصدق عليه عنوان الفوت ، والمفروض أنّ استصحاب عدم الاتيان به غير مجدٍ ، وهذا هو نقطة الفرق بين ما إذا شكّ المكلف في إتيان الواجب في الوقت وما إذا شكّ في إتيانه في خارج الوقت.
نتائج هذا البحث عدّة امور :
الأوّل : أنّه لا إشكال في إمكان الواجب الموسّع والمضيّق ، بل في وقوعهما خارجاً ، وما ذكر من الاشكال على الواجب الموسّع تارةً وعلى المضيّق تارة اخرى مما لا مجال له ، كما تقدّم بشكل واضح.
الثاني : أنّ ما ذكر من التفصيل بين ما كان الدليل على التوقيت متصلاً وما كان منفصلاً ، فقد عرفت أنّه لا يرجع إلى معنىً محصّل أصلاً ، وقد ذكرنا أنّه لا فرق بين القرينة المتصلة والقرينة المنفصلة من هذه الناحية أبداً ، فكما أنّ الاولى تدل على التقييد من الأوّل وعلى وحدة المطلوب ، فكذلك الثانية كما سبق.