وعلى الجملة : فمنشأ الإشكال في المقام الاشكال في أنّ عنوان الفوت الذي هو مأخوذ في موضوع وجوب القضاء هل هو أمر وجودي عبارة عن خلوّ الوقت عن الواجب ، أو هو أمر عدمي عبارة عن عدم الاتيان به في الوقت؟
والصحيح هو أنّه عنوان وجودي ، وذلك للمتفاهم العرفي ، ضرورة أنّه بنظرهم ليس عين الترك ، بل هو بنظرهم عبارة عن خلوّ الوقت عن الفعل وذهاب الواجب من كيس المكلف ، مثلاً المتفاهم عرفاً من قولنا : فات شيء من زيد ، هو الأمر الوجودي ـ أعني ذهاب شيء من كيسه ـ لا الأمر العدمي وهذا واضح ، فعلى هذا الضوء لا يمكن إثباته بالاستصحاب المزبور ولا أثر له بالاضافة إليه أصلاً ، وعليه فيرجع إلى أصالة البراءة. هذا فيما إذا احرز أنّ عنوان الفوت أمر وجودي أو عدمي. وأمّا إذا لم يعلم ذلك وشكّ في أنّه أمر وجودي ملازم لعدم الفعل في الوقت أو أنّه نفس عدم الفعل ، فهل يمكن التمسك بالاستصحاب المزبور لاثبات وجوب القضاء في خارج الوقت أم لا؟
الصحيح بل المقطوع به عدم إمكان التمسك به ، والوجه في ذلك واضح ، وهو أنّ المكلف لم يعلم أنّ المتيقن ـ وهو عدم الاتيان بالواجب في الوقت ـ هو الموضوع للأثر في ظرف الشك ، أو الموضوع للأثر شيء آخر ملازم له خارجاً ، فإذن لم يحرز أنّ رفع اليد عنه ـ أي عن المتيقن السابق ـ من نقض اليقين بالشك ، ومعه لا يمكن التمسك باطلاق قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشك » (١) لكون الشبهة مصداقية.
بقي هنا شيء ، وهو أنّ المكلف لو شكّ في أثناء الوقت أنّه صلّى في أوّل الوقت أم لا ، فمقتضى قاعدة الاشتغال هو لزوم الاتيان بالصلاة ، لأنّ الاشتغال
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١